في حب ترامب! - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الأحد 30 يونيو 2024 2:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في حب ترامب!

نشر فى : الأحد 6 أغسطس 2023 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 7 أغسطس 2023 - 12:01 ص

وجهت لترامب أربع جنايات، ومع ذلك وضعه كمرشح رئاسى عن الحزب الجمهورى قوى للغاية، كما أن أنصاره معجبون به بشدة، رغم أنه يردد أكاذيب ليل نهار. فما الذى يفسر هذا الحب؟ فى ضوء ذلك، نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب إيان بروما، يرى فيه أن سبب حب ترامب لا يرجع إلى تصديق أتباعه لأكاذيبه، بل إلى أنهم يستقون معلومات مضللة من الإنترنت ولدت لديهم مخاوف اقتصادية واجتماعية، ونجح ترامب فى التلاعب بها واستخدامها لصالحه. بعبارة أخرى، وعدهم ترامب بأنه سينقذهم وسيخلصهم من كل مشاكلهم وما يؤرقهم، وهذا سبب تأييدهم الجامح له... نعرض من المقال ما يلى:
حب ترامب ليس منطقيا أو مفهوما، فقد اتهم رسميا بارتكاب أربع جنايات، بما فى ذلك الاحتيال على الولايات المتحدة والتآمر لحرمان المواطنات والمواطنين الأمريكيين من حقهم فى التصويت. يواجه ترامب أيضا أربعين اتهاما، من ضمنها انتهاكات لقانون التجسس، فى إحدى المحاكم الفيدرالية فى ولاية فلوريدا، فضلا عن 34 جناية فى نيويورك ترتبط بالتكتم على فضائح جنسية. على الرغم من كل هذا، يبدو أن وضعه كمرشح أول عن الحزب الجمهورى لمنصب الرئاسة يظل حصينا. إذ وفقا لاستطلاع حديث، يتقدم ترامب بسبع وثلاثين نقطة على أقرب منافسيه، رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا.
ومن الواضح أن احتمال أن ينتهى المطاف بالرئيس السابق إلى السجن لا يزعج أنصاره على الإطلاق. ولن نجد أحدا من أشد أنصاره إخلاصا يتصور أنه ارتكب أى خطأ، وهو أمر عجيب. الأعجب من هذا أن 43% ممن ينتمون للحزب الجمهورى يرونه فى صورة «شديدة الإيجابية».
لكن ما الذى يفسر التأييد الذى يناله ترمب؟ من غير المرجح أن تكون قوة حجته الدليل إلى فهم هذا الأمر، لأنه يسوق أقل القليل من الحجج المتماسكة، أو أن تكون أفكاره تستند إلى أى شىء حقيقى على الإطلاق. وهو لا يبالى بالحقائق أو ربما حتى يستهزئ بها. ولكن كلما استفحلت أكاذيبه، يزداد أنصاره حبا له، كما لو أن السيل الذى يغمرهم به من الأكاذيب خدر قدرتهم على إدراك الحقيقة.
لا شك أن التحولات الجذرية التى طرأت على الكيفية التى يتلقى بها الناس معلوماتهم لها علاقة بهذه الحال. يجد كثيرون من الناس، وليس أنصار ترامب فحسب، بقعة مريحة داخل فقاعة من المعلومات المضللة المدعومة بالإنترنت، والتى يعززها وكلاء إعلانات يتظاهرون بأنهم صحافيون فى قناة فوكس نيوز وغيرها من المنافذ الإعلامية الأكثر بلاهة وتهريجا.
يعتقد نحو 89% ممن ينتمون إلى الحزب الجمهورى أن الولايات المتحدة تعيش حالة من التدهور الحاد، برغم أن الاقتصاد فى عهد الرئيس جو بايدن كان مرنا طيعا بدرجة ملحوظة، حتى أن الأعضاء الذين تتألف منهم قاعدة ترامب يتحدثون عن كارثة وطنية وشيكة تتسبب فى إحداثها نـخـب شريرة، ومهاجرون حاقدون خبيثون، وعصابة دولية وضيعة من أهل المال الذين يتحكمون فى العالم. كان ترامب بارعا فى التلاعب بهذه المخاوف المبنية على نظريات المؤامرة، والتى قد تتسبب فى استفزاز أعمال عنف انتقامية.
الواقع أن أسباب القلق الشعبى عديدة. إذ يشعر عدد كبير من عمال الصناعة بأنهم تخلفوا عن ركب الاقتصاد العالمى حيث العمالة الأرخص مطلوبة فى الخارج. كما كانت مجموعة من التغيرات الاجتماعية والديموجرافية ــ مزيد من المواطنين والمواطنات من غير ذوى البشرة البيضاء، وتراجع السلطة الدينية، فضلا عن تحديات للمعايير الجندرية العميقة الجذور والتراتبية الجنسية والعـرقية ــ سببا فى إرباك الناس. إنهم يعبدون القائد الذى وعدهم «بإعادة بلدهم إليهم».
إن التاريخ لا يعيد نفسه بالضبط أبدا، والمقارنات المطلقة بأزمان وأماكن أخرى دائما ما تكون بالغة الخطورة. لكن بعض جوانب الماضى تظل قادرة على مساعدتنا على فهم الحاضر بشكل أفضل.
فى كتابها «أصول الاستبداد»، أوضحت حنة آرنت نقطة تظل سارية حتى يومنا هذا: الكذب المتعمد هو أول خطوة نحو الطغيان. على حد تعبيرها: «قبل أن تستولى على السلطة وتؤسس لعالـم يتفق مع معتقداتها، تحرص الحركات الاستبدادية على استحضار عالـم زائف من الاتساق والانسجام... حيث يصبح بوسع الجموع أن تشعر، استنادا إلى خيال محض، وكأنها فى ديارها وقادرة على تفادى الصدمات التى لا تنتهى والتى ترمى بها الحياة الواقعية والتجارب الحقيقية البشر وتوقعاتهم».
إذا اختار الحزب الجمهورى ترامب مرشحا لمنصب الرئاسة، فسوف يجد على الأرجح صعوبة فى التغلب على المرشح الديمقراطى، بايدن، أكبر من تلك التى وجدها فى سحق منافسيه الجمهوريين. لكننا سنرى ما إذا كان من الممكن إقناع عدد كاف من الناس بالتصويت لرجل تجاوز الثمانين يتلعثم ويترنح أغلب الوقت، لدرء الكارثة المتمثلة فى مرشح يتوق إلى العودة إلى البيت الأبيض لتجنب الذهاب إلى السجن.

النص الأصلى:
http://bitly.ws/Q8D9

التعليقات