رسالة إلى الشقيق الكويتى - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:14 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

رسالة إلى الشقيق الكويتى

نشر فى : الثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 6 سبتمبر 2011 - 8:25 ص

 عندما التحق بالقوات المسلحة المصرية، أوائل التسعينيات، كان يعتقد أن مدة تجنيده ستمضى فى هدوء مثل سابقيه، عرف أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب كما كان يقول السادات، لكنه مثل كل مصرى وعربى استيقظ فى الثانى من أغسطس عام 1990 على كارثة الغزو العراقى للكويت، وبعد ذلك ببضعة أشهر كان ضمن القوات المصرية التى عسكرت فى «حفر الباطن» بالمملكة العربية السعودية استعدادا لخوض حرب تحرير الكويت.

حين قامت الحرب، دخل مع فرقته الأرض الكويتية، وشارك فى تحريرها شبرا شبرا حتى توقف عند الحدود العراقية ــ الكويتية، ممتثلا لقرار برفض التوغل فى الأراضى العراقية.

خلال المعارك شاهد مئات المصريين يلاقون وجه ربهم، وآخرين يعودون بإصابات بالغة، تضمهم إلى قوائم المعاقين، وعندما أنهى مهمته فى الكويت وأنهى مهمة تجنيده، عاد ليبدأ الحياة من بدايتها، يدور فى دوامة البحث عن عمل، ويغرق فى منظومة الإهانة، يدفع ليحصل على وظيفة، ويضرب حين يدخل قسم شرطة، وتُسب أمه ويُلعن أبوه، يُطرد من عمله فلا يجد ملجأ ولا قانونا، ويهيم محاولا الاسترزاق بـ«صنعة» فى يديه، تعطيه يوما وتحرمه أياما.

ولما قامت ثورة يناير كان فى ميدان التحرير، يهتف بسقوط نظام أفقره وجوعه وانتهك كرامته وحقوقه الإنسانية، وقزمه فهان على الجميع، هناك شاهد الكثير من رفاق سلاحه الذين كانوا يشاركونه فترة التجنيد فى أوائل التسعينيات، وشاركوا فى الحرب، ليس لأنهم كانوا «مرتزقة» يستأجرون لأداء مهام قتالية، لكن لأنهم كانوا جزءا من منظومة عسكرية لديها عقيدة ثابتة فى حفظ المنطقة، وهى عقيدة كانت موجودة ومجربة فى الستينيات حين منع عبد الناصر غزوا مماثلا للكويت، وستبقى كذلك مهما كان الرأس الذى يحكم البلاد.

فى الميدان كان يطوف مع المئات الصينية فى تمرين حماسى يكسر ملل انتظار التنحى، ويساعد صديقه الذى «يزك» لأن رصاصات «صدامية» استقرت فى فخذه، وعندما عاد من الحرب التحق بشركة «عامة»، لكن مستثمرا خليجيا اشتراها وفرض عليه المعاش المبكر، ومنحه فى عمره ومستقبل أبنائه «ثمنا بخسا»، بمعاونة نظام فاسد باع كل شىء وقبض ثمنه حتى كرامة شعبه.

نظرة واحدة بينهما كانت كفيلة بتذكر عشرات الشهداء الذين سقطوا فى دفاعهم عن الكويت أمام أعينهم، والقذائف التى أراد الله أن تتجنبهم لتسقط غيرهم، صور الشهداء وأسماؤهم مازالت فى الذاكرة، وربما لبعضهم أبناء فى هذا الميدان يهتفون بسقوط الطاغية، ويبحثون عن أمل جديد فى الحياة يتحملون فى سبيله قنابل الغاز وخطر المجهول.

عندما عرف أن محامين كويتيين يحاولون الدفاع عن مبارك، يرفضون وصفه بالمخلوع ويعتبرونه الرئيس الشرعى، يقولون إنهم يردون له جميل حرب خاضها معهم، تحسس «ندبة» فى رأسه، وجرحا غائرا فى رقبته، وتذكر صور الموتى والمصابين والمقعدين، الذين عادوا من الكويت بعد حرب ضد ظلم، وثاروا أو ثار من يحملون أسماءهم فى الميدان ضد ظلم أقسى وأشد.

يحاول أن يجد أحد هؤلاء المحامين ليسأله: أيها الكويتى «النذل» لماذا تحفظ الجميل لشخص وتنكره على شعب، عطاؤه أكبر وأعظم هو الذى حارب ومات وأصيب ودفع كل الثمن، وكان أولى بوفائك؟
أيها الكويتى النذل: من أخبرك أن الجنود الذين دفعوا أرواحهم ودماءهم وأعضاءهم من أجل حريتك، ليسوا هم الذين ثاروا وثار أبناؤهم ودفعوا ثمن حريتهم بأنفسهم ودون مساعدة من أحد؟
أيها الكويتى النذل: المؤكد أنك فرد لا تمثل شعب الكويت ولا أهله!

أيها الكويتى النذل: لماذا ندفع الدم من أجل حريتك فيما أنت تستكثر علينا الحرية؟!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات