الحق حق - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:19 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الحق حق

نشر فى : الخميس 6 سبتمبر 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 6 سبتمبر 2012 - 8:00 ص

هل نحن شعوب تحب الحق لأنه حق؟

 

الفارق كبير قطعا بين الحق وما يبدو حقا، وبين الحق فى كماله واكتماله ونصف الحق أو بعضه، والأخلاق هى عنوان الحق وإطاره، لكن هذا الحق يصبح مسخا حين ينطلق من مواقف سياسية أو منصات طائفية، ليتحدث عما هو صواب ليس من أجل الصواب فى ذاته لكن من أجل المصالح السياسة والطائفية.

 

لذلك ومن المبتدأ، لا تصدق سياسيا يقول لك انه يتبنى موقفا أخلاقيا من أمر ما، ويحاول أن يخدعك بالقول إن مواقفه تحركها معايير أخلاقية بحتة، ربما تجده يدافع عن قضية عادلة تستحق الدفاع، لكن ذلك يجب ألا يمنعك من الاستقصاء عما وراء هذا الالتزام الأخلاقى من مصالح، وعما فى داخل هذه الصورة من زوايا مهملة استجابة لهذه المصالح.

 

الإنسان إنسان فى أى مكان، يجب ألا يمنعك جنسه أو دينه أو عرقه أو حتى مواقفه السياسية من التضامن معه حين يبحث عن حقه وحريته ويتعرض لظلم بسبب سعيه خلف الحق والعدل والمساواة والحرية.

 

لذلك ربما أكرر عليك سؤالا قد تكون سمعته من قبل: هل أنت صاحب موقف أخلاقى من إسرائيل أم موقف سياسى؟ هل تضامنك مع الشعب الفلسطينى فى مأساته والجرائم التى ترتكب ضده يوميا تنطلق من التزامات أخلاقية وقيمية وإنسانية، أم بسب روابط سياسية ودينية وقومية؟، السؤال الأهم: هل رفضك للجرائم الإسرائيلية كان سيكون ذات الرفض بذات القوة والحجة والحماسة، لو كان ضحايا هذه الجرائم شعبا آخر ليس عربيا ولا مسلما ولا جارا ولا فى المنطقة كلها؟ هل لو قامت دولة إسرائيل فى هولندا أو أوغندا أو الأرجنتين كنت سترى الجرائم التى ترتكب ضد هذه الشعوب بذات النظرة؟.

 

هل تعتقد أن الموقف الأمريكى والخليجى والمصرى من النظام السورى موقفا أخلاقيا فحسب لنصرة شعب مظلوم يبحث عن حريته، هناك أكراد فى العراق وتركيا وإيران يبحثون عن حريتهم ولا يفوزون بذات المواقف الأخلاقية، وهناك شيعة فى البحرين يبحثون عن العدل والمساواة ولا يجدون أى تضامن أخلاقى.

 

أستطيع ببساطة وبجرأة أن أقول لك إنى ككاتب أتبنى موقفا أخلاقيا يفرض على أن أكون مناصرا للثورة السورية، وضد نظام بشار الأسد السفاح، لكن لأن المواقف الأخلاقية لا تتجزأ، فأنا مع الشعب السودانى الذى يحاول استعادة طريقه للحرية، ومع الشعب البحرينى الذى يبحث عن العدل والمساواة، ومع كل إنسان يتوق للعدل والكرامة والمساواة فى أى مكان فى العالم، لكن هل تصدق الرئيس مرسى حين يخبرك بأن موقفه من النظام السورى موقف أخلاقى؟

 

ربما يبدو كذلك بالفعل، لكنه موقف ناقص ومجتزأ يرى من يموت فى شوارع دمشق ولا يكترث بمن يموت فى شوارع المنامة، يرى من تكبل حريته فى حلب ولا يرى نظيره فى الخرطوم، يرفع شعارات أخلاقية لمواقف سياسية فى الأصل، والأكثر صعوبة أنها مواقف طائفية كذلك، تفسر الموت عرقيا وطائفيا، وتنتهى لنتيجة أن الحرية والعدل حق للمسلمين السنة وفقط، لكن غيرهم لا يستحق الحياة طالما أنه لا مصلحة من ورائهم.

 

السياسة الخارجية المصرية لم تكن يوما «أخلاقية» طوال الثلاثين عاما الماضية، وتتحرك الآن فى ذات الإطار الأمريكى الخليجى، مع إضافة بعد طائفى جديد على خطابها، إذا كنت لا تصدقنى أخبرنى إذن عن الفارق بين سفاح شيعى وسفاح سنى، بين سجين مسلم وسجين مسيحى، بين قتيل عربى وقتيل كردى، بين حاكم فى دمشق وحاكم فى المنامة.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات