مصر وتركيا.. كيف وصلنا لقمة أنقرة؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 1:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر وتركيا.. كيف وصلنا لقمة أنقرة؟

نشر فى : الجمعة 6 سبتمبر 2024 - 10:15 م | آخر تحديث : الجمعة 6 سبتمبر 2024 - 10:15 م

من كان يظن أن مصر وتركيا سوف تتوافقان على معظم القضايا الإقليمية فى المنطقة؟!

‏‎ومن كان يظن أن العلاقة بين الدولتين ستعود إلى سابق عهدها إلى حد كبير، مقارنة بالخلافات بينهما منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣؟
‏‎ومن كان يظن أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان سيزور القاهرة فى فبراير الماضى، ويستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن كان يظن أن الرئيس السيسى سيزور أنقرة ويستقبله ويرحب به الرئيس أردوغان كما حدث يوم الأربعاء الماضى؟
‏‎كثيرون ظنوا أن كل ما سبق لن يحدث وأن الخلافات سوف تستمر إلى ما لا نهاية، لكن هؤلاء جميعا لا يعرفون أن ما يحكم علاقات الدول والحكومات هو المصالح أولا وثانيا وثالثا وعاشرا، وليس العواطف والأهواء والمواقف الجامدة.
‏‎وإذا كانت مصر قد تفاوضت مع إسرائيل ووقعت معها اتفاقا عام ١٩٧٩، ما يزال صامدا حتى اللحظة رغم أن صراعنا مع إسرائيل وجودى، فمن الطبيعى أن تنتهى أو تتراجع الخلافات بين مصر وتركيا، لأن البلدين اقتنعا أن استمرار الخلاف لن يستفيد منه أحد، ثم إن الحكومة التركية أدركت بشجاعة أنها أخطأت خطأ كبيرا حينما انحازت لجماعة الإخوان ضد غالبية المصريين بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
‏‎ويحسب للحكومة التركية حينما أدركت هذا الخطأ أنها بدأت فى إصلاحه، ومدت يدها لمصر.
‏‎وفى المقابل يحسب لمصر أنها قابلت الخطوة التركية بحسن نية شديد، وبما لا يتعارض مع المصالح والأمن القومى لمصر.
‏‎الطرفان تواصلا وتفاوضا لشهور طويلة بعيدا عن أعين وسائل الإعلام، ثم جاءت الانعطافة الكبرى بمصافحة السيسى وأردوغان على هامش افتتاح بطولة كأس العالم بوساطة من أمير قطر تميم بن حمد فى الدوحة فى نوفمبر ٢٠٢٢.
‏‎وبعدها تواصلت اللقاءات العلنية، بين كبار المسئولين، خصوصا حينما زار وزير خارجيتنا السابق سامح شكرى تركيا وقدم مساعدات إنسانية مصرية تضامنًا مع الشعب التركى الذى تعرض لزلزال مدمر فى السادس من فبراير ٢٠٢٣ وكذلك سوريا، أما التطور المهم فكان زيارة أردوغان للقاهرة فى فبراير الماضى، وأخيرا فإن أبرز تطور فى هذا الملف هو زيارة السيسى لأنقرة يوم الأربعاء الماضى.
‏‎وأظن أن العلاقات المصرية التركية خلال الفترة من ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى زيارة السيسى الأخيرة تصلح درسا مهما لطلاب العلوم السياسية، بل لكل الناس عن كيفية أنه لا توجد صداقات أو عداءات دائمة.
‏‎هذا درس العلاقات السياسية الدائم والمتكرر، ولكن للأسف فإن بعض المتحجرين وذوى النظرة الضيقة، يظنون أن الخصومة بين دولتين يمكن أن تدوم للأبد.
‏‎وأخيرا يحسب للرئيس السيسى فى هذا المف أنه تجاوز تماما عن كل ما تعرض له من إساءات مقابل المصالح العليا للشعب المصرى.
‏‎قد لا يعرف كثيرون أن العلاقات الاقتصادية والسياحية والتجارية بين البلدين استمرت إلى حد ما قوية، رغم الخلافات الشديدة سياسيا، وكان ملفتا للنظر قول السيسى خلال كلمته فى قمة أنقرة «أنه خلال السنوات الماضية شهدنا ازدهارا مستمرا فى التواصل بين الشعبين المصرى والتركى لا سيما من خلال الحركة السياحية المتنامية وكذلك العلاقات التجارية والاستثمارية التى تشهد نموا مضطردا، فضلا عن زيادة الاستثمارات التركية فى مصر خاصة فى مجال التصنيع.
‏‎ما سبق يتعلق بحال علاقات البلدين قبل زيارة السيسى لأنقرة، لكن ماذا عن الزيارة نفسها ونتائجها، وكيف وصلنا إلى مرحلة تتوافق فيها الدولتان على العديد من قضايا الإقليم خصوصا فى فلسطين والسودان والصومال، وربما قريبا فى ليبيا وسوريا؟.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي