يقدم اتفاق جنيف نموذجا للعبة غير صفرية Non-Zero game التى يخرج فيها كل الأطراف فائزين لأنهم حققوا جزءا من أهدافهم. لذلك اتسمت ردود الفعل الدولية والإقليمية بالموافقة والارتياح ما عدا إسرائيل.
فى ضوء ذلك لا تملك مصر رفاهية عدم التحرك السياسى والدبلوماسى للمشاركة فى التحولات التى سوف ينتجها هذا الاتفاق والاستفادة منها حماية لمصالحها وأمنها فالسياسة الخارجية هى أحد أهم مصادر قوة مصر، ولا يمكن تبرير عدم الحركة بحجة عدم استقرار الأوضاع الداخلية. ومع الاعتراف بالصلة الوثيقة بين الأوضاع الداخلية والسياسة الخارجية فإن عدم الاستقرار المرتبط بظروف مؤقتة لا يلغى حقائق القوة المصرية المستمرة ولا ضرورات حماية أمن مصر الوطنى ومصالحها الاستراتيجية فى الإقليم وهذه هى مهمة «الخيال الدبلوماسى» الذى كان دوما أحد سمات مؤسسة السياسة الخارجية المصرية. تستطيع مصر أن تتحرك ــ على الأقل ــ على ثلاثة مستويات:
الأول هو المستوى الثنائى مع إيران لإزالة ما تبقى من شوائب وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مسارها الطبيعى خاصة أنه لا يترتب على ذلك تهديدات أساسية ضد مصر. وبصراحة فإن الحديث عن الخطر الشيعى هو شكل من الكوميديا السوداء التى لا سند لها من واقع أو تاريخ.
والثانى هو المستوى الذى يضم مصر ودول مجلس التعاون ويركز على المخاوف المشروعة الخاصة بدور إيران فى منطقة الخليج. ذلك أن الدبلوماسية الغربية اهتمت فى المفاوضات مع إيران على الموضوع النووى فقط، فى الوقت الذى توجد فيه أسئلة ومخاوف بشأن دور إيران الإقليمى وتطلعها لأن تكون القوة الأولى فى الخليج، وهو دور يستند إلى خطاب طائفى له جمهور فى عدد من دول المنطقة.
والثالث هو المستوى العربى العام والذى تستطيع فيه مصر العمل على تفعيل المبادرة التى أقرها مؤتمر القمة العربى فى تونس 2005 بشأن الحوار مع إيران