تستوقفنى كثيرا التجارب الإنسانية التى تعتمد على فكرة بسيطة تتفتح كالزهرة فى عقل إنسان محب للخير يلازمه شعور دائم بمسئولية تجاه من حوله. الفكرة هذا الأسبوع لفريق من جمعية أهلية أمريكية تتبنى فكرة تنفيذ برنامج غذاء صحى فى المجتمعات الفقيرة. برنامج يوفر مكونات غذائية صحية تساعد على تنشئة الأطفال سليمى العقل والبنية وتساعد الكبار على الحفاظ على وزن صحى ملائم لتفادى الأمراض المزمنة ومنها السكر وارتفاع ضغط الدم.
أطلق على البرنامج اسم «برنامج روشتة الفاكهة والخضروات».
FVRX - Fruit and vagetable Prescription Progrem
من التسمية يمكنك عزيزى القارئ أن تخمن أن البرنامج يعتمد على تذكرة طبية تستبدل فيها الأدوية بالفاكهة والخضروات فى مقادير ونوعيات مدروسة لكل إنسان ينضم للبرنامج.
بدأت التجربة فى مستشفى حى هارلم أكثر أحياء نيويورك فقرا والمعروف بأنه سكنه السواد الأعظم من الزنوج. ومع بدايات النجاح التى ظهرت انتقلت التجربة لثلاثة مستشفيات أخرى وينتظر أن ينتشر البرنامج خلال عام 2015 ليطبق فى ثلاثين ولاية أخرى.
يزود البرنامج العائلات الفقيرة بطوابع طعام (food Stamps) يمكن بهاء شراء الأطعمة الصحية فقط خاصة الفواكة والخضروات إلى جانب برامج غذائية يتبعها المرضى ومن يعانون من السمنة إذ إن زيادة الوزن حاليا تعد أحد التحديات الصحية التى يواجهها المجتمع الأمريكى.
من أكثر صور نجاح البرنامج وضوحا التغيير الذى حدث فى عائلة السيد «براون» والتى تحصل على 325 طابعا للطعام قيمة الواحد منها دولار يشترى من الطعام ما يحصل عليه بدولارين إذا اشترت من مالها الخاص.
أليجا الابنة الصغرى ذات العشرة أعوام والتى طالما عانت من سخرية زملائها، نظرا لزيادة وزنها اللافتة للنظر فقدت خلال العام الأول من التزامها بالبرنامج خمسة أرطال تلتها فى العام الثانى بفقدان ثمانية أرطال من وزنها، الأمر الذى يتيح لها الآن التفوق فى كرة السلة. لم يكلف الأمر أليجا إلا استبدال الفاكهة وشرائح الخضار بديلا عن السكريات التى تعودت أن تتناولها بين الوجبات.
أما السيدة براون والدتها فبعد انتظامها فى برنامج رياضى بسيط ومراجعتها لكمية الملح التى تتناولها وقصرها على 5 مجم لا أكثر يوميا فقد تخلت عن دواء الضغط الذى تعودت تناوله يوميا. تجربة إنسانية بديعة لم تتدخل فيها الحكومة وإن احتفظت لنفسها بحق مراقبة تنفيذها تجربة تعكس بعدا إنسانيا عميقا لارتباط الإنسان بقضايا مجتمعه. دون ضجة أو غلبة أو انسياق لدوامات الكلام ولهات وراء بريق الإعلام الزائف.
أرجو أن تكون رسالة أهل حى هارلم قد وصلت.