ردًا على تعريف معاداة السامية الذى نُشر من قبل التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست، نشرت صحيفة «هاآرتس» مقالا للكاتب أليسون سومير يوضح فيه رفض منظمة «أمريكيون من أجل السلام الآن» لهذا التعريف، إلى جانب قيام حركة «أصوات كندية يهودية مستقلة» بإعطاء أحد عشر مثالا يوضح عنصرية إسرائيل.. نعرض منهما ما يلى.
يعرض الكاتب أليسون سومير فى مقاله بصحيفة «هاآرتس» رفض منظمة «أمريكيون من أجل السلام الآن»، وهى منظمة غير هافة للربح تهدف إلى إيجاد حل سياسى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، طلبا من مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية لتبنى التعريف الذى أصدره التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست IHRA عن معاداة السامية. فالمنظمة تؤمن بأهمية العمل المشترك لمحاربة معاداة السامية، ولكن التعريف الذى يتبناه التحالف الدولى لن يقود إلى تحقيق ذلك ولا يخدم قضية معاداة السامية.
تعترض المنظمة تحديدا على الأمثلة المصاحبة للتعريف التى توضح مفهوم معاداة السامية. فالتعريف الذى اعتمده التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست فى 2016 واضح ومباشر.. فبالنسبة لتعريف معاداة السامية هى تصور معين لليهود يمكن وصفه بكراهية اليهود، له مظاهر خطابية ومادية موجهة نحو اليهود أو غير اليهود وممتلكاتهم وتجاه مؤسسات المجتمع اليهودى والمرافق الدينية. ولكن الأمثلة المصاحبة للتعريف تسهل إساءة استخدامه، وبالفعل يتم تسليحه لسحق الانتقادات المشروعة الموجهة لسياسات الحكومة الإسرائيلية من خلال تشويه سمعة الأفراد والمنظمات باعتبارهم معادين للسامية، إلى جانب خدمة أهداف سياسية فى الولايات المتحدة.. تعتبر المنظمة نفسها مؤيدة لإسرائيل، وأعضاءها مواطنين أمريكيين يهودا صهاينة، ولكن هذا لا يتعارض مع إدانتها لسياسات الحكومة الإسرائيلية التى تضر بمستقبل إسرائيل. ففى الأيام الأخيرة لترامب فى البيت الأبيض، تقوم الحكومة الإسرائيلية بشن حملة تستهدف المنظمات الحقوقية البارزة، زاعمة أنها مؤيدة لحركة مقاطعة إسرائيل BDS، واصفة إياها بأنها معادية للسامية.
أحد الأمثلة المصاحبة للتعريف تشير إلى أولئك الذين «يطبقون معايير مزدوجة من خلال مطالبتهم بسلوك غير متوقع أو غير مطلوب من أى دولة ديمقراطية أخرى». معظم سلوكيات إسرائيل التى يتم انتقادها متعلقة باحتلالها للضفة الغربية. الدول الديمقراطية الأخرى لا تحرم سكانها المدنيين من حقوقهم وتضعهم تحت الاحتلال لـ35 عاما، وتصعد عملية بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة. لذلك فالمثل غير مقبول.
مثال آخر لمعاداة السامية، ملحق بالتعريف، ولا يمكن قبوله، يصف أولئك الذين «ينكرون حق الشعب اليهودى فى تقرير المصير، على سبيل المثال من خلال الادعاء بأن وجود دولة إسرائيل هو مسعى عنصرى، بمعادين للسامية». تدرك المنظمة أن بعض جذور معاداة الصهيونية تخرج من معاداة السامية، ولكن تصوير كل شيء معاد للصهيونية كمعاداة للسامية خاطئ. فبينما تختلف المنظمة بشدة مع أولئك الذين يقولون إن السعى وراء إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين التاريخية هو أمر غير شرعى أو حتى عنصرى، لكنها تختلف بشدة أيضًا مع تصوير هذا الموقف على أنه معاد للسامية. فهم يرون أن العديد من الفلسطينيين الذين يرون ظلم اليهود لهم، حتى لو كان لا أساس له من الناحية التاريخية، ليسوا معادين للسامية. عادة، لا تنبع مثل هذه المواقف من كراهية اليهود بل من النزاع على الأرض.
***
ترى المنظمة أن تعريف التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست، وحتى الأمثلة، قد يبدو «منطقيًا تمامًا» إذا كان المرء «يعيش فى ثقب أسود منعزل لا يرى من خلاله كيف سيتم استخدام التعريف». ولكننا فى الواقع لا نعيش فى ذلك الثقب الأسود، وما يحدث هو أن التعريف يتم تسليحه، وهو أمر مثير للقلق.
تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو التى ساوت كل أشكال المقاطعات بأنها معاداة للسامية ــ بما فى ذلك المقاطعات المرتبطة ببناء المستوطنات ــ مرتبطة بالتعريف.. فالتعريف يستخدم لإسكات أى شخص أو جماعة لها وجهة نظر مؤيدة لفلسطين.
ليس خطأ أن يعتقد أحدهم أن إسرائيل لا يجب أن تكون دولة يهودية، من الممكن ببساطة الاختلاف مع هذا الرأى، ولكن إذا قال فلسطينى ذلك ستكون معاداة للسامية أو ربما مناهضة لإسرائيل. هناك من هم يهود ويحملون الجنسية الإسرائيلية فى المنظمة، ولكنهم يشعرون بأنهم معادون للسامية لأنهم يؤيدون مقاطعة بضائع المستوطنات.
تعريف التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست تبنته أكثر من 30 دولة والعديد من الهيئات الحكومية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، لذلك يعد التعريف مهما من أجل مكافحة معاداة السامية بنجاح. لمنظمة «أمريكيون من أجل السلام الآن» الحق فى الاختلاف من غير أن تتعرض للمضايقة.
***
على الجانب الآخر، نشرت حركة «أصوات كندية يهودية مستقلة» أحد عشر مثالا على عنصرية إسرائيل، للرد على التعريف الذى أصدره التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست والذى ورد فيه أحد عشر مثالا على معاداة السامية... (1) ثيودور هيرزل، راعى الصهيونية الحديثة، اقترح إنشاء دولة يهودية فى فلسطين كبؤرة حضارية مقابل البربرية، آخذا المستعمرة البريطانية فى جنوب أفريقيا كمثال واصفا مشروعه كـ«شيء استعمارى»... (2) أول رئيس وزراء لإسرائيل، دايفيد بن غوريون، كتب لابنه عام 1937، قبل بناء الدولة، أن على المستوطنين اليهود طرد العرب وأخذ مكانهم... (3) فى مارس 1948، وافق الزعماء الصهاينة على مخطط التطهير العرقى لفلسطين، وهو ما أدى فى عام 1949 إلى هروب 750 ألف فلسطينى من أرضهم خوفا من القتل، وهو ما أطلق عليه الفلسطينيون «النكبة»... (4) إسرائيل جردت الذين هاجروا من أرضهم فى النكبة من حق العودة، فى حين أن من حق اليهود الهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية... (5) بعد النكبة تم نقل ملكية من هاجروا من الفلسطينيين إلى الصندوق القومى اليهودى الذى يخصص أراضيه (13% من إسرائيل) للإيجار لليهود فقط، فى تمييز ضد 21% من سكان إسرائيل... (6) مؤسسو إسرائيل حافظوا على تفوق اليهود البيض من أصل أوروبى على اليهود المزراحيين «الشرقيين» ما أدى إلى عمليات خطف برعاية الدولة لمئات من أطفال اليهود الشرقيين فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى واستمرار العنصرية ضد المزراحيين إلى وقتنا هذا... (7) منذ 1948، وافقت إسرائيل على بناء محليات تعدت أرقامها 500 محلية ولم تسمح بمحلية واحدة للفلسطينيين، باستثناء بعض البلدات التى خططتها الدولة لتركيز المجتمعات البدوية... (8) من أجل الحفاظ على هيمنة اليهود، يمنع على الفلسطينيين من الضفة أو غزة المتزوجين من إسرائيليين أن ينضموا لشريكهم داخل إسرائيل... (9) فى إصدار الهويات الشخصية تتبع إسرائيل نظاما يسهل فرض قيود على الحركة وعلى حرية التصويت لغير اليهود... (10) وفقا لمنظمة ياشدين القانونية غير الحكومية، فالنظام فى إسرائيل من الممكن اعتباره نظام فصل عنصرى... (11) القانون الصادر فى 2018 عن حق تقرير المصير اقتصر فقط على اليهود، الفلسطينيون ليس لديهم هذا الحق.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغني
النصوص الأصلية
https://bit.ly/2JS5AoE
https://bit.ly/2JGCVmX