لا تحلق ذقنك - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 10:57 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

لا تحلق ذقنك

نشر فى : الخميس 7 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 7 فبراير 2013 - 8:00 ص

لم يتوقف التعذيب..

 

لكن المستشار أحمد مكى وزير العدل يعتقد أن هناك تقدما، فأرقام ضحايا التعذيب بكل تأكيد أقل مقارنة بالأرقام فى عهد مبارك، هذا ما قاله الوزير نصاً للناشط الحقوقى البارز حسام بهجت فى لقاء شهوده كثر.

 

الدولة تعترف بالتعذيب.. لا تكتفى بأنها مفضوحة بالفيديو والشهادات الموثقة، لكن وزير العدل يقر بالوقائع، وكأى مسئول تنظيمى «محدود الأهمية» فى جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة، يبرر التعذيب بأنه أقل من عهد مبارك.

 

ليس مطلوب منك إذن أن تحلم فى عهد «الرئيس المنتخب المؤمن» أن يتوقف كل ما كان يدين مبارك وبرر سقوطه، لكن مطلوبا منك أن تقبل بخفض مستوى الانتهاكات قليلاً حتى يخرج المبررون المفضوحون بألسنتهم، ليحدثوك عن تراجع الأرقام.

 

كان مبارك يزور الآلاف من صناديق الانتخاب، فما الضير أن تقبل بتزوير بضع عشرات أو مئات من الصناديق، «هو انت كنت طايل»، كان نظام مبارك المستبد يعذب آلاف البشر فى السجون والمعتقلات، أليس نجاحاً وتقدماً أن نظام مرسى المنتخب لا يعذب إلا بضع مئات؟! كان نظام مبارك المستبد يهدر المليارات، أفتحاسبون نظام مرسى المنتخب على إهدار الملايين؟

 

ذهنية مكى مثل ذهنية الجماعة التى ينكر عضويته فيها، بينما يتبنى ممارساتها وأفكارها، تعتقد أن الثورة قامت لمجرد ترشيد الفساد والاستبداد والقمع وليس للقضاء عليها نهائياً، وتجريم ومحاسبة من يقدم على ذلك أو يبرره أو يسعى لشرعنته وتجميله.

 

لا حدود أخلاقية لتجربة الأخوان مكى السياسية، ربما يختلف المرء سياسياً أو ينحاز فكرياً، لكن المرء الذى من المفترض أن يكون إنساناً أولاً قبل أن يكون مسلماً أو مسيحياً، وقبل أن يصنف نفسه إسلامياً أو علمانياً، الأرجح أنه يملك حدوداً أخلاقية لا يجيز لنفسه تجاوزها، الدم حد أخلاقى، وامتهان الكرامة بالتعذيب والإيذاء حد أخلاقى، لكن شيوخ استقلال القضاء الذين ثبت أن الإعلام صنعهم من وهم، لا حدود أخلاقية لدورهم المرسوم فى دعم نظام حكم بكل ما هو مشروع وغير مشروع، إما بتدبير انقلاباته على ثوابت الحياة القضائية والدستورية، أو بتبرير جرائمه وانتهاكاته.

 

التعذيب لم يتوقف..

 

حتى فى زمن «دستور الحريات» الذى وصفه أعضاء الجمعية التأسيسية وعلى رأسهم أحد مشايخ استقلال القضاء بأنه الأهم والأعظم فى التاريخ، لكن هؤلاء مثل مكى ما بين مبرر أو مختف، لم يخرج علينا أحدهم حتى الآن ليفسر لنا لماذا انتهكت نصوص دستورهم من جانب السلطة التى تبنت هذا الدستور وروجت له معهم، أين حقوق المعتقلين الواردة فى نصوصكم مما جرى فى الواقع من انتهاك وخطف واحتجاز؟، أين حقوق الأطفال من وقائع احتجاز الأطفال المرضى؟

 

دستور الحريات لم يحمِ حريات، وثورة الكرامة لم تجلب كرامة، ووزير العدل لا يعرف العدل، هو فقط مجرد تاجر تجزئة سياسية يوزع عليك قطاعى نفس ما كان يفعله أركان نظام مبارك بالجملة، ويقول لك : «احمد ربنا».

 

يردد الثوار للرئيس المنتخب: «احلق دقنك بيِّن عارك.. تلقى وشك زى مبارك».. والحقيقة أن أحمد مكى لا يحتاج أن يحلق ذقنه، لأن كل عار انكشف وبان..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات