كثيرا ما يواجه الطبيب المصرى ــ وأنا منهم ــ موقفا بالغ الحساسية حينما يسلم مريض التذكرة الطبية التى ضمنها الأدوية الواجب تناولها فيسأله المريض فى حيرة: أشترى المصرى يا دكتور ولا فيه مستورد؟
الوجه الآخر لذات الصورة والذى أراه أكثر قتامة حينما يناول مريض رقيق الحال كأغلب المصريين تذكرة طبية للصيدلى فيسأله بلهة موحية بما فى نفس يعقوب: المصرى مش موجود بس طبعا نقدر نوفرلك المستورد!
لا أخفى انحيازى للدواء المصرى وأومن بأن صناعة الدواء مشروع قومى يجب أن تدعمه الدولة بقوة فالعائد مجزٍ بكل المقاييس.
إذا كنا بالفعل جادين فى تأمين الضريبة صحيا فإن العلاج لا يكتمل إلا بتوفير الدواء. فمن حق شركات الأدوية أن تحقق أرباحا ومن واجب الدولة أن تهيئ المناخ الملائم لازدهار صناعة دواء وطنية. أظن أن نقاط اللقاء كثيرة إذا ما كان هناك مشروع جاهز لخدمة الشأن الصحى. على الدولة أن تبدأ حوارا ملزما تبدى فيه رؤيتها الواضحة لمستقبل صناعة الدواء فى مصر. أن تشارك شركات ومصانع الأدوية الوطنية دراسة أهمية مشروعات لصناعة أدوية للواقع المصرى. أدوية علاج فيروسات الكبد ومرض السكر وارتفاع ضغط الدم وأنواع السرطان التى انتشرت وطالت الأطفال.
انحسار الثقة فى فاعلية الدواء المصرى لا ينبغى فصله عن الشعور العام بغياب الثقة فى الأداء المصرى بصورة عامة فى كل المجالات ولمن يتصورون أن الدول العظمى تتمتع بثقة مطلقة فى منتجاتها حاليا يحقق النائب العام فى مدينة نيويورك فى إحدى القضايا المهمة التى تدين إحدى كبريات شركات إنتاج المكملات الغذائية «Hesbol Plus» الشركة التى تتمتع منتجاتها «الطبيعية» بشعبية تضمن لها أرباحا خيالية وتحقق انتشارا واسعا فى محلات تنتشر فروعها فى أنحاء أمريكا الشمالية ــ أمريكا وكندا ــ مثل ول مارت، تارجت، ول جرين وغيرها ثبت عند تحليل منتجاتها أنها خالية من العناصر الطبيعية المعلن عنها وأنها ليست إلا خليطا من عناصر لا قيمة لها مثل الأرز والأسبارجس المجفف والشبت!