الثورة ضد الإخوان مستمرة - سمير كرم - بوابة الشروق
الخميس 28 نوفمبر 2024 10:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثورة ضد الإخوان مستمرة

نشر فى : الجمعة 7 مارس 2014 - 6:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 مارس 2014 - 6:00 ص

على الرغم من أننا وقعنا مع إسرائيل معاهدة سلام. وعلى الرغم من أن هذه المعاهدة لا تزال تفرض بنودها وشروطها على الإسرائيليين وعلينا. وعلى الرغم من أن دولا عربية أخرى تبعتنا فى هذا السلوك، وأقامت سلاما رسميا مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن السلام بيننا وبين إسرائيل معترف به دوليا، بما فى ذلك من الأمم المتحدة. مع ذلك فإن عداءنا المصرى والعربى لإسرائيل لا يزال قائما.

إلا أن أغانينا وأناشيدنا الوطنية لا تزال تتردد فى الإذاعات العربية والتليفزيونات ودور السينما، حاملة كل المعانى القديمة التى تتناقض مع هذه المعاهدة أو المعاهدات مؤكدة عداءنا لإسرائيل، وكراهيتنا لها وتطلعنا إلى يوم نستطيع فيه التخلص منها، أو ــ على أقل تقدير ــ تقليص نفوذها وسيطرتها على فلسطين الأرض والشعب، وعلى المنطقة.

•••

ربما تكون إسرائيل نفسها مسئولة عن هذا الوضع بسياساتها المتجبرة، التى لا تكاد تدرك معنى لما بيننا وبينها من اتفاقات. قد يكون إصرار إسرائيل على عدم الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينى حتى بعد أن تراجعت وتقلصت أرضا وشعبا هو السبب الحقيقى وراء هذا الوضع الذى لا يثير فينا الدهشة إلا حينما نتذكر حقيقة أن بيننا وبين إسرائيل سلاما رسميا. ولقد حاولت إسرائيل فى السنوات الأولى التى أعقبت توقيع معاهدة السلام بيننا وبينها أن تفرض علينا شروط هذه المعاهدة وأحكامها، التى تقضى بالتعامل الودى والسلمى بيننا وبينها. ولكن إسرائيل وصلت إلى نقطة اليأس من إمكان إجبار الشعب المصرى وحكومته على الرضوخ لهذا الشرط، لقد أخفقت. وهكذا عادت حالة العداء والكراهية تجد كل تعبير عنها فى كتابات صحفيينا ومعلقينا وكتابات المتخصصين منا وحتى فى دراسات معاهدنا المتخصصة فى الشئون الإسرائيلية. وأحيانا ما تتصاعد حدة اللهجة فى هذه الكتابات إلى حد يبدو معه من المثير للدهشة أن إسرائيل لا تعود سنويا إلى إثارة هذه المشكلة أمام الأمم المتحدة. إنما يبدو أن إسرائيل وصلت إلى نقطة أطبق فيها اليأس عليها من أن تكسب مودة مصرية.

الأمر الذى لا شك فيه هو أن الحرب على الإرهاب جزء لا يتجزأ من هذا الوضع. وما دامت مصر قد دخلت فى موجة جديدة من الحرب على الإرهاب، بدخولها فى الموجة الحالية من الحرب ضد حرب الإخوان على الأمن والسلام فى مصر وحتى ضد الاستقرار فيها، فإن إسرائيل تبدى خشية حقيقية من أن تبدى مصر سلوكيات كراهية أعمق من أى وقت مضى ضد إسرائيل الدولة والمفهوم وضد الصهيونية. وذلك باعتبار الصهيونية العقيدة المتمكنة من عقل إسرائيل ووجدانها، فيما عدا أقلية يهودية تظهر وعيا أعمق بخطر الصهيونية على المنطقة بما فيها إسرائيل والبلدان العربية. كذلك فإن الأمر الذى لا شك فيه هو أن إسرائيل ترقب هذا الوضع المصرى ــ العربى بقدر شديد من القلق، خشية أن تتطور السياسة المصرية باتجاه إلغاء السلام الرسمى ــ الرسمى فقط ــ بينها وبين إسرائيل.

يزيد من هذه الخشية من جانب إسرائيل أن الصدام ــ خاصة العسكرى ــ بين مصر وتنظيم الإخوان يزيد، باستمراره واعتماده الصراع المسلح أسلوبا للتعبير عن التناقض بين مصر والإخوان، ومن افتضاح غياب عنصر الوطنية المصرية، وكذلك من عنصر القومية العربية، عن الجانب الدعائى من حملة الإخوان المسلحة. فهذه الحملة تتجه بشكل خاص ضد الجيش وضد الشرطة. وحتى الآن فإنها لا تجد مبررا لتوجيه ضرباتها المسلحة ضد افراد أو جماعات الشعب المصرى المدنية العادية. مع ذلك ليس هناك من ضامن لاستمرار ابتعاد الإخوان عن توجيه الضربات فى حملتهم إلى العناصر المدنية. ولا تستطيع إسرائيل فى هذا السياق أن تغفل حقيقة أن اضطرار الإخوان للخضوع للرأى الأمريكى يجبر إسرائيل بدورها على أن تبقى على موقف ودى وسياسة ودية تجاه الإخوان. وهنا يبرز التناقض الحاد فى الموقف الإسرائيلى من الإخوان وصراعهم فى مواجهة مصر. إن التأييد الذى يحظى به الإخوان من جانب الإدارة الأمريكية يلزم إسرائيل بالضرورة ــ وهى هنا ضرورة الالتزام بالموقف الأمريكى ــ بأن تكون ودية مع الإخوان بالقدر الذى يلتزم فيه الرسميون الأمريكيون بموقف ودى تجاه الإخوان. ويهم الأمريكيون فى هذا الصدد أن يكون موقف إسرائيل تجاه الإخوان موقفا وديا، لا أقل.

إن الولايات المتحدة لا تبدو سعيدة بأى حال بالوضع الراهن، الذى فرضته الثورة المصرية والذى أدى إلى اتساع دور الجيش المصرى (والشرطة أيضا) فى السيطرة على شئون مصر الداخلية والخارجية. ولهذا تحاول الإدارة الأمريكية أن تحافظ فى سياستها على نقيضين: أحدهما هو انتهاج سياسة ودية تجاه السلطة الرسمية المصرية بما فيها الجيش، وثانيهما هو الاستمرار التقليدى من جانب أمريكا فى تأييد الإخوان وتأييد تمويلهم وتسليحهم من جانب قوى فى المنطقة لها مع أمريكا أفضل العلاقات، ولا يمكن فى هذا المجال استبعاد تقلص التأييد الأمريكى للإخوان كلما ازدادوا ضعفا وتشتتا.

وهذا أمر لا يتوقف على إرادة أمريكا، إنما يتوقف على إرادة مصر فى مقاومتها للإخوان. والدلائل واضحة على أن هذه المقاومة المصرية تحقق تقدما نحو غايتها النهائية وهى القضاء على الإخوان وقوتهم المسلحة، ونحو هذه الغاية فإن الثورة فى مصر مستمرة.

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات