دولة «نسيت» - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 9:45 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

دولة «نسيت»

نشر فى : الجمعة 7 يونيو 2013 - 8:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 يونيو 2013 - 8:59 ص

«الرسالة وصلت».. هكذا خرجت مؤسسة الرئاسة لتقول فى أول رد فعل معلن بعد يومين من البث المباشر لمؤتمر ازدراء إثيوبيا الذى تم برعاية وعناية وحضور وتشجيع الرئيس وإعداد مساعدته التى «نسيت» أن تخبر الحاضرين أن اللقاء مذاع على الهواء.

 

هذه كانت خطة إذن.. يقول مساعدو الرئيس إنه كان مقصوداً أن تعلم إثيوبيا أن مصر غاضبة ومنزعجة من مضيها فى بناء السد. وأن تسمع الأصوات المختلفة بكل ما فيها من شطط. هل كانت أديس أبابا غافلة عن هذه الأصوات؟ كأنها لا تقرأ صحفنا ولا تشاهد ذات هذه الوجوه التى تظهر فى مختلف وسائل الإعلام.

 

تعلم الرئاسة أن الفارق الجوهرى فيما سمعته إثيوبيا هذه المرة أنه خرج من داخل قصر الرئاسة عبر اجتماع يحمل الصفة الرئاسية يتصدره رأس الدولة ويدور كل هذا الحكى فى حضوره ومشاركته بالتداخل والشرح وإجراء العمليات الحسابية والحديث عن خطط «مص الصدمة».

 

حاولت الرئاسة «مص الصدمة» بتعبير محمد مرسى، فإذا بها تتحدث عن الرسالة التى وصلت، ثم واصلت المكابرة بالقول إن إذاعة الاجتماع لم تضرنا. والحقيقة أن هناك رسالة وصلت بالفعل من وراء هذا الاجتماع للداخل قبل الخارج.

 

رسالة وصلت لإثيوبيا لتمضى فيما هى ماضية فيه دون أى اكتراث بالموقف المصرى، فلا توجد لحظة مواتية للحركة المستقلة بعيداً عن الضغوط المصرية أكثر من هذه اللحظة المتردية التى تعيشها فيها مصر وتتحرك بلا عقل ولا وعى ولا كفاءة، وهى منشغلة بالتفكير فى مؤامرات معلنة ستزيد عزلتها فى القارة لأن لغة التهديد التى عرفتها الدول الإفريقية مع الأنظمة الاستعمارية انتهت.

 

مؤسسة الرئاسة التى تخرج فيها مساعدة للرئيس لتقول «نسيت»، ثم تجد لديها الجرأة بعد ذلك لتقول «الرسالة وصلت»، والتى يخطب فيها رئيس الدولة عن ازمة الأمن المائى فيقرأ عليك درسا من كتاب الجغرافيا للصف الأول الإعدادى، ويدهشك أن النيل ينبع من الجنوب، ويستسهل العمليات الحسابية، ولديه مشكلة فى التواصل مع أبناء وطنه قبل أن يتواصل مع شعوب أخرى، هى مؤسسة لن تستطيع أن تخوض معركة كبرى، أو تواجه ضغوطاً إقليمية أو دولية.

 

لا تعتقد الرئاسة ومساعدو الرئيس أن الاجتماع الرئاسى المذاع بكل ما شهده من تفكير تآمرى انتهازى وتخطيطات انقلابية لتأجيج الحروب الأهلية، نال من سمعة مصر وألحق ضرراً إضافياً باعتبارها فى المنطقة كلها، فلا هى ظهرت بمظهر الدولة القوية الصارمة القادرة على الحسم كأى «بلطجى» دولى أو إقليمى لديه القدرة والمقومات على فرض شروطه، ولا هى ظهرت كشقيقة أفريقية كبرى لديه الحد الأدنى من الالتزام الأخلاقى فيما يخص المنافسة الشريفة والصراع الراقى، بقدر ما بدت دولة كوميدية مرتبكة بفعل مستوى كفاءة حكامها الذى بات واضحاً وظاهراً، وأوضاعها الداخلية الواهنة، ومراهقة أحزابها السياسية.

 

الرسالة وصلت لإثيوبيا ولباقى دول الحوض التى تشجعت لإعلان رغبتها فى الاستفادة من مياه النهر واقامة سدود، وتحدى مصر صارت حسابات مكسبه أعلى بكثير من حسابات خسارته، والرسالة وصلت لكل مواطن فى الداخل والخارج.. هؤلاء من يفكرون للوطن، هذا هو مستوى كفاءتهم ونضجهم تلخصه لك كلمة «نسيت». 

 

يخطئون.. ويكابرون فى الاعتذار.. ثم يقولون «الرسالة وصلت»..وهى بالفعل وصلت.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات