استدعاء المظلومية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:14 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

استدعاء المظلومية

نشر فى : الأحد 7 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 7 يوليه 2013 - 8:00 ص

اختار الإخوان التنظيم ولم يختاروا الوطن.

 

هذا جزء من الأخطاء الجوهرية التى وقعت فيها الجماعة منذ أن أزاح الشعب مدعوما من الجيش الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

 

مكتب الإرشاد اختار دخول سباق الرئاسة لأسباب تنظيمية وليست وطنية، أراد أن يحافظ على تماسك التنظيم أمام فتنة كبرى كانت تسمى «أبوالفتوح». لذلك خاضت الجماعة الانتخابات الرئاسية دون مشروع حقيقى واضطرت لنسج دعاية زائفة عن مشروع النهضة وآلياته، كما قدمت مرشح لم يسبق إعداده، ولم يسبق من الأساس أن استعدت الجماعة ككل لهذه المسئولية.

 

وبسبب النزعة التنظيمية لدى قيادات مكتب الإرشاد ومن بينهم محمد مرسى، جرى اتخاذ كل ما أمكن من سياسات اقصائية لتمكين التنظيم بالشكل الذى قاومته أجهزة الدولة واستهجنه المجتمع.

 

لكن إزاحة الشعب مدعوما من الجيش للرئيس السابق محمد مرسى «كما فعل مع مبارك» مثلت اختبار أ آخر يعكس ترتيب الولاءات داخل الجماعة التى تجعل مصالح التنظيم تسبق مصالح الوطن، والحفاظ على التنظيم أهم بكثير حتى من الحفاظ على الأمن القومى.

 

رد الفعل الذى شاهدته على منصة رابعة العدوية من المرشد العام للجماعة يثبت لى على الأقل، أن الجماعة لديها ارتياح تنظيمى من توصيف ما جرى على أنه «انقلاب»، ولو لم يظهر الجيش فى المشهد لجرى توصيفه على هذا النحو أيضا، لأن هذه الكلمة «انقلاب» تمثل طوق نجاة حقيقى لتنظيم الإخوان وقياداته من ملاحقة التاريخ ومن محاسبة الفشل.

 

هذا استدعاء إخوانى للمظلومية يبدو كشماعة يعلقون عليها فشل عام كامل من ناحية، وتضمن للفاشلين فى مكتب الإرشاد مواصلة السيطرة على عقول شبابهم، بالحديث عن الرئيس الديمقراطى الذى عزله العسكر واختزال المشهد كله فى هذه الجملة وتجاهل أخطاء العام الماضى الذى أدت فى نهايتها إلى أن بقيت الجماعة وحيدة تماما دون حليف من القوى السياسية الأخرى، ودون قبول من أجهزة الدولة المختلفة، وفى مواجهة حالة عزل شعبى ونفور مجتمعى غير مسبوقين.

 

يحاول مرشد الجماعة وإخوانه فى مكتب الإرشاد ضمان النصوص التاريخية التى سيكتبونها للأجيال القادمة من شباب الإخوان، حتى تبقى فى الأذهان صورة الجماعة فى حقبتهم هى استمرار لصورة الجماعة المظلومة الشهيدة المحاربة المطاردة. لديك تنظيم فى محنة، ولابد للمحنة أن تستمر وقتا طويلا حتى يستغرق فيها شباب الجماعة فلا ينتبهون أو يلتفتون طالبين من قياداتهم كشف حساب عن فرصة الحكم التى أضاعوها، وعن صورة الجماعة التى أهانوها، وعن لحظة الاندماج والقيادة التى قضوا عليها.

 

المحاسبة والمكاشفة الحقيقية قد تهدد تماسك التنظيم وتفتح الباب أمام انشقاقات أو تحولات كبرى على الأقل لدى الشباب الذى يتلمس الأخطاء ولا ينكرها، وستهدد مستقبل كل هذا الجيل من القطبيين داخل الجماعة الذى أنهى بتشدده وعناده وضيق أفقه ونقص كفاءته وفشله تجربة كان يمكن أن تنقل الجماعة إلى آفاق أخرى.

 

استدعاء المظلومية هو الحل.. ومواصلة الشحن لا بديل عنها أمام كهنة التنظيم الذين لا يرون الآن إلا أنفسهم، ولم يروا طوال عام كامل من الحكم إلا أنفسهم أيضا.. أما الوطن ومصالحه وأمنه فتلك قضايا ثانوية هناك تنظيم أكثر قداسة منها.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات