زار معهد القلب القومى هذا الأسبوع فريق إعداد من محطة CBC التليفزيونية مع مقدم البرامج المعروف الأستاذ جابر القرموطى لتسجيل حلقة من برنامجه الذى يعد من أكثر البرامج مشاهدة «مانشيت». بالطبع احتفل الجميع بوجوده وقد استقبلته فى وحدة فحص القلب الشامل فكان أن طلب منى أن أجرى عليه الكشوف التى تجرى فى الوحدة بصورة واقعية تماما حتى يمكنه أن يشرح لمتابعى البرنامج الغرض من تقديم تلك الخدمة الطبية ،والهدف من إجراء تلك الاختبارات فى تزامن يتيح الحصول على نتائج تعكس صورة خريطة صحية حقيقية للإنسان. من تلك الخريطة يمكن للطبيب رصد عوامل الخطر التى يمكن أن تهدد الإنسان وينذر بالخطر التى قد تصيبه بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين أو السكر وارتفاع الضغط.
مناقشة أسلوب حياة الإنسان وما يمكن أن تتغير فيه من تفاصيل تؤمن له أسلوبا صحيا قدر الإمكان هو الخطوة الأخيرة فى تلك البرامج الصحية والتى تنتج حوارا مهما بين الطبيب والإنسان مريضا كان أو سليما فى ظل تلك المعلومات الصحية مجتمعة.
برامج الفحص الشامل تعد حجر الزاوية فى برامج الوقاية فالمعروف أنه كلما جاء التشخيص مبكرا حاسما دقيقا واضح التفاصيل كان الشفاء أقرب والتعافى أسرع وأكثر صلابة.
بالطبع أسعدتنا الزيارة خاصة أن الأستاذ جابر القرموطى قد امتثل بهدوء لكل خطوات الفحص وكان كامل الرضا عن الطريقة التى تم بها كل شىء مع تناوب الأطباء لأدوارهم فى صورة واقعية تماما.
أسعدتنا بالطبع الزيارة ونحن بلاشك ننتظر أن نرى وقائعها فى البرنامج الأسبوعى الذى يذاع الجمعة إن شاء الله. وقبل أن أنهى حديثى عن تسجيل محطة CBC لحلقة خاصة عن معهد القلب القومى أردت أن أسجل موقفى من ظاهرة فى بلادنا لا تتكرر فى بلاد أخرى زرتها أو عملت وعشت بها.
البرامج التى تتناول الخدمات الطبية فى مؤسسات الدولة أراها اغلب الظن لا تخرج عن أحد النقيضين: إما الهجوم الصاعق على تلك المؤسسة ومظاهر الإهمال فيها والتى تبدو كمكيدة مدبرة من البرنامج أهم نتائجها إقالة أكبر رأس فى المستشفى وإحالة الإدارة للتحقيق أو النقيض الآخر الذى يشهد بمنتهى الكفاءة وحسن الإدارة والنظام وأعلى مراتب الخدمة الطبية بينما يتراءى فى خلفية المشهد جهود الوزارة والإدارة فى صورة متعددة تعود بالطبع لبراعة المخرج ومقدم البرنامج والهدف من البرنامج ومن يموله،وربما هناك قلة من البرامج تدعم بصورة صحيحة زيادة الوعي الصحي وفي نفس الوقت تصويب وتصحيح الاخطاء ان وجدت.
لا أشعر بأى حرج وأنا أكتب ربما لأننى أنتمى إلى كلا الجانبين وحرصى على مهنتى الأصلية ورسالتى الأعمق أثرا فى نفسى: الطب والخدمة الطبية يجعلانى أحرص على أن تبدو الأمور أكثر وضوحا دائما. المؤسسات الطبية التى تديرها الدولة لا تحتاج فى الواقع للإعلان عند خدماتها التى بلاشك تعلن عن وجودها وكفاءتها من خلال عملها وسمعتها المهنية يصنعها جهد العاملين بها وأداء الأطقم الطبية فيها وتكامل خدماتها وحسن استقبالها للمرضى سواء فى العيادات الخارجية أو الأقسام الداخلية فيها على اختلاف مسمياتها.
مؤسسات الدولة التى تقدم الخدمة الطبية فى حاجة بالفعل للإعلام الهادف الذى يمكن أن يقدم للمواطنين خدمات بالفعل يحتاجها ليمكنه أن يستخدم حقه كاملا فيما تقدمه الدولة من خدمات طبية تضمن له حق العلاج والتعافى من المرض ،وأرى أن على الإعلام أن يختار بين دور فعال إيجابى أو دور آخر يختلط فيه الإعلام بالإعلان فيبدو كالعصا التى تتجاوز هش الأغنام إلى مآرب أخرى.
أرى أن يهتم الإعلام بكل ما يمكن أن يساهم فى توعية الإنسان المصرى بكل وسائل الوقاية من الأمراض خاصة المعدية ،وأن يهتم بالتعريف بكل ما يمكن أن يصل إلى الإنسان من معلومات عن الأمراض المزمنة غير المعدية كارتفاع ضغط الدم والسكر.
أرى أن يهتم الإعلام بالتعريف بأماكن تقديم الخدمات الطبية المتخصصة التى تتيحها الدولة مجانا للمواطنين فى مراكز متخصصة مثل معهد السكر ومعهد القلب ومعهد تيودور بلهارس ومعهد التغذية.
تعاون الإعلام مع المجتمع المدنى من أنجح مشروعات الخدمة العامة التى يمكنها أن تقدم الدعم لمؤسسات الدولة التى تنوء بأحمالها، وأصبحت بحاجة ماسة للتطوير والتوسع.
دعم مؤسسات الدولة الطبية لا يحتاج إلى التمويل فقط ،بل هناك العديد من مشروعات الخدمة الموازية، يمكن للإعلام التعريف بها مثل التبرع بالجهد والتطوع بالوقت للعمل فى مؤسسات الدولة للمعاونة فى أداء الخدمة غير المتخصصة كرعاية المرضى والإشراف على طعامهم وأدويتهم.
فى ظل نهضة عمرانية للبناء ربما لم تشهد مثلها مصر منذ بناء الأهرامات من الممكن أن يلعب الإعلام دورا مهما لتشجيع مشروعات بناء عيادات فى الأحياء تتبع المراكز المتخصصة وتؤدى وظيفة العيادات الخارجية فى معهد القلب ومعهد السكر وغيرها.
نعم الإعلام يستطيع عرض الحقائق مجردة فى صور حقيقية تدفع الجميع للتعاون: الدولة والمجتمع المدنى والإنسان المصرى.