لا أحد يستطيع أن يجادل فى وطنية جمال عبدالناصر وإخلاصه لوطنه مصر وأمته العربية، لكن مشروعه الكبير للنهضة تعرَّض لضربة قاصمة لأسباب متعددة أهمها بعض بطانة السوء الذين أحاطوا به.
إذن الوطنية وحدها، أو الإخلاص بمفرده لا يكفيان لتنجح فى إدارة وطن إذا كان الفريق المعاون لك ليس على المستوى المطلوب.
أكتب هذه الكلمات مساء الخميس الماضى، ولا أعرف بالضبط من هو الفريق المعاون الذى سوف يساعد الرئيس المنتخب المشير عبدالفتاح السيسى، وهل تم اختياره بالفعل، أم لا؟.
ومن جديد سوف يثار السؤال الأزلى: كيف يتم الاختيار.. هل على أساس الخبرة أم الثقة؟!.
من حق الرئيس ان يختار من يثق فيهم شرط ان يكونوا أيضا من أهل الخبرة. أحد أكبر الأسباب لفشل تجربة المجلس العسكرى الأولى ثم العام الذى حكم فيه الإخوان هو قلة أو انعدام الكفاءات والنتيجة هى هذا المستوى الهزيل من الأداء والقرارات العشوائية المتخبطة.
وللموضوعية فإن الانهيار الكبير فى المستوى العام للكوادر المؤهلة لم يكن مقصورا على فئة دون غيرها. الكارثة التى تسببت فيها سياسات حسنى مبارك ونظامه طالت الجميع، الإخوان وغيرهم.
وبالتالى فإن بحث المشير السيسى عن كفاءات حقيقية يتطلب جهدا كبيرا.
وصلنا إلى مرحلة صار فيها اختيار المسئولين بناء على معيار واحد أحيانا وهو الظهور فى وسائل الإعلام، وقد طبق الإخوان هذا المبدأ على كثير من اختياراتهم للدرجة التى جعلت البعض يظن ان وظيفة المستشار هى تقديم نصائحه فى البرامج الفضائية وليس للرئيس.
قد يكون شخص ما يعرف كيف يتكلم بطريقة منظمة وجيدة أمام كاميرات التليفزيون، لكن ذلك قد يصلح متحدثا رسميا أو مسئولا فى العلاقات العامة، لكنه قد لا يصلح مستشارا أو مسئولا عن إدارة مرفق أو مؤسسة.
أتمنى أن يبذل المشير السيسى جهدا كبيرا فى اختيار مساعديه، حتى لو تأخر قليلا فى إعلان فريقه المساعد. نريد وجوها جادة ومبدعة ولديها خيال ومتخصصة فعلا فى الملفات الموكلة إليها.
المؤكد أن السيسى سوف يتفاجأ بآلاف الأشخاص يعرضون أنفسهم عليه، سيقولون له كلاما جميلا ومعسولا، وسيقدمون أعلى مراتب النفاق، أمثال هؤلاء ينبغى أن يتم رفضهم فورا ومن دون نقاش، أولا لأن طالب الولاية لا يولى، وثانيا لأنهم يشبهون الفيروس الذى يدمر الخلايا الحية لأى نظام جاد يريد أن يفعل شيئا.
أوضاعنا الراهنة لا تحتمل التجريب، ولو نجح المشير السيسى فى اختيار الفريق المعاون له سيكون قد ضمن أكثر من خمسين فى المائة من النجاح.
نريد فريقا يعمل بجد ولا يكون كل هدفه هو الظهور الإعلامى أو التعامل مع المنصب أو الوظيفة فى قصر الرئاسة باعتبارها وجاهة اجتماعية أو بابا خلفيا أو حتى أماميا لتكوين ثروة فى أسرع وقت.
لو صلحت البطانة، لصلح الحاكم والعكس صحيح.