الاغتيالات والتصفية سياسة ثابتة للكيان الصهيوني - أيمن النحراوى - بوابة الشروق
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 2:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاغتيالات والتصفية سياسة ثابتة للكيان الصهيوني

نشر فى : الخميس 8 أغسطس 2024 - 8:55 م | آخر تحديث : الخميس 8 أغسطس 2024 - 8:55 م

لم يكن اغتيال إسماعيل هنية أول الاغتيالات ولن يكون آخرها، فمنذ عام 1948 إلى اليوم نفذت الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية قرابة الثلاثة آلاف عملية اغتيال لسياسيين وقادة وعلماء فلسطينيين وعرب وأجانب، عدا مئات الآلاف ممن استشهدوا فى خضم الحروب والاعتداءات التى شنها الكيان عبر تاريخه الأثيم.
قبل قيام الكيان كانت عصابات شتيرن الصهيونية، التى أسسها البولندى أبراهام شتيرن، تشنّ الهجمات على القرى العربية لإحراقها وتهجير سكانها وعمل المذابح ضدهم، كما كانت تشن هجماتها على الجنود البريطانيين لإثناء بريطانيا عن الوقوف فى وجه الفظائع المرتكبة ضد الفلسطينيين والقبول بالمخططات الصهيونية، وأثناء ذلك لقى شتيرن مصرعه على يد البريطانيين، فردت منظمة شتيرن باغتيال اللورد موين الوزير البريطانى لشئون الشرق الأوسط فى القاهرة عام 1944.
كان الكونت السويدى فولك برنادوت هو الضحية التالية لعصابات الكيان الصهيونى، وهو أحد أفراد العائلة الملكية السويدية، واختارته الأمم المتحدة عام 1948 ليكون وسيطا فى فلسطين، فقدم برنادوت خطته للسلام وتضمنت بقاء مدينة القدس بأكملها تحت السيادة العربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، وكتب فى تقاريره للأمم المتحدة يطلب مساعدات دولية لهؤلاء اللاجئين.
أثارت بنود الخطة غضب قادة الكيان الصهيونى فأجمعوا أمرهم على تصفية الكونت برنادوت واغتياله، وبالفعل اتفقت منظمة أرجون الصهيونية برئاسة مناحم بيجن ومنظمة شتيرن برئاسة إسحق شامير على ذلك ونفذت الاغتيال فى سبتمبر 1948، وحتى اليوم لم يقم ملك السويد أبدا بزيارة إسرائيل التى قتلت عمه الكونت برنادوت فى عملية دموية إرهابية غادرة.
• • •
سياسة الاغتيالات والتصفية إذن هى سياسة ثابتة للكيان الصهيونى، وهى سياسة لها مجال متنوع من الأهداف تتضمن اغتيال العلماء مثل مصطفى مشرفة وسميرة موسى ويحيى المشد وسعيد بدير، وعالمى الذرة الإيرانيين محسن زادة ومصطفى أحمدى، والعلماء والمهندسين الفلسطينيين مثل يحيى عياش وفادى البطش وجمال الزبدى وغيرهم..
أما عن قادة المقاومة الفلسطينية فالقائمة تطول لتشمل غسان كنفانى وعلى حسن سلامة وأبو جهاد خليل الوزير وفتحى الشقاقى وأبو على مصطفى والشيخ أحمد ياسين، ومحاولة اغتيال خالد مشعل بالسم فى الأردن، وأخيرا ما تشير إليه أصابع الاتهام عن دور الكيان الصهيونى فى وفاة ياسر عرفات نفسه.
يعتقد الكيان الصهيونى أنه بالقتل والاغتيال سيقضى على القضية الفلسطينية، ناسيا أن المقاومة فكرة وأن الجهاد عقيدة، وأن الأجيال الفلسطينية تشهد جرائمه وتسجلها فى عقولها وقلوبها جيلاً بعد جيل لتستمد منها مددا للمقاومة والصمود.
والجلى الواضح أننا أمام كيان شديد الخطورة، ينتهج سياسة عدوانية دموية ثابتة منذ أكثر من خمسة وسبعين عاما، وفى الظروف العصيبة الراهنة فى قطاع غزة ومنطقة الشرق الأوسط يواصل الكيان الصهيونى سياسته بالحرب الدموية والاغتيالات بما ينذر بإشعال المنطقة وتأجيج الحرب والصراع بصورة غير مسبوقة تنذر بأسوأ العواقب والتداعيات.
تظن إسرائيل واهمة أنها انتصرت من قبل وأنها ستنتصر اليوم وغدا بهذه الأساليب الوحشية، غير مدركة أن العالم قد تغير من حولها، بعد أن بات يشاهدها كل يوم وهى متلبسة بالجرم المشهود، فباتت فى نظر معظم شعوب ودول العالم دولة منبوذة بفعل ما تقترف من جرائم وأعمال الإبادة الجماعية الوحشية والاغتيالات.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضى وإلى اليوم تحقق إسرائيل من وجهة نظرها نجاحا باهرا يتمثل فى قيام جيشها بقتل أكثر من أربعين ألفا من المدنيين الفلسطينيين، وإصابة أكثر من مائة وخمسين ألفا بجروح خطيرة ستتركهم بإعاقات بدنية ومشكلات صحية ونفسية إلى نهاية حياتهم، فضلاً عن تدمير معظم منازل ومبانى قطاع غزة، لقد انتصرت إسرائيل بالفعل انتصارا مشهودا، انتصر جيشها على المدنيين العزل من الشيوخ والنساء والأطفال.
ويبدو أن تلك الأرقام قد فتحت شهية نتنياهو ومؤيديه من عتاة الصهاينة المتطرفين لمزيد من الدماء، فأعلن ووزير دفاعه أن الجيش الإسرائيلى لن يتوقف حتى يقضى على حماس، وباتت تلك هى الحجة التى يتذرع بها فى كل تصريحاته لارتكاب جرائمه فى قتل الفلسطينيين وإبادتهم على مرأى ومسمع من العالم.
• • •
ثم دخلت الأمور إلى مرحلة جديدة بعد اختلاق إسرائيل لرواية أن حزب الله أطلق متعمدا صاروخا على بلدة مجدل شمس فى الجولان السورى المحتل، واتخذت ذلك ذريعة لتنفيذ اغتيال القائد فؤاد شكر فى معقل حزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت، وهى تعلم تمام العلم أن حزب الله لن يترك ثأره وسيرد على الاغتيال، فسارعت مسبقا إلى التهديد بأنها سترد ردا مضاعفا حتى لو أدى إلى تدمير بيروت والمدن اللبنانية وتسويتها بالأرض.
ثم لم يمض يومان على ذلك حتى قام الكيان باغتيال إسماعيل هنية فى مقر إقامته فى قلب طهران خلال فعاليات تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد، فى عملية سببت إهانة شديدة للقيادة الإيرانية، لدرجة إعلان السيد على خامنئى المرشد الأعلى بقوله: إن النظام الصهيونى المجرم والإرهابى استهدف ضيفنا العزيز فى بيتنا، وهو بذلك جلب على نفسه بهذا الاعتداء أشد العقاب.
وفقا لقاعدة الفعل ورد الفعل، فما يفعله الكيان الصهيونى هو تأجيج أهوج للصراع فى الشرق الأوسط، ذلك الصراع الذى تتحمل إسرائيل مسئوليته منذ ثمانية عقود إلى اليوم، بسياساتها العدوانية ومخططاتها للهيمنة والتوسع، مستندة إلى التأييد المطلق من الولايات المتحدة وحلفائها على مختلف الأصعدة من مساندة سياسية ودبلوماسية واستخباراتية وإمدادات متواصلة من الأسلحة فضلاً عن المعونات الاقتصادية الهائلة.
وليس أدل على ذلك التأييد هو إعلان الولايات المتحدة عن إرسال المزيد من السفن الحربية الأمريكية لتنضم إلى حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد والأسطول البحرى الضخم المصاحب لها والمتراكى أمام سواحل مدينة حيفا، لدعم إسرائيل ومعاونتها حال تعرضها لهجمات من حزب الله وإيران كرد فعل على جريمتيها فى بيروت وطهران.
• • •
باتت حكومة الكيان منذ السابع من أكتوبر الماضى مصابة بسعار مزمن للقتل وتأجيج الحرب والصراع فى الشرق الأوسط، تفعل ذلك بعمد وإصرار رغم كافة محاولات التهدئة والوساطة، لكنها تتناسى أن من يؤجج النيران ستطاله حتما هذه النيران، وأن ثمن ما تفعله سوف يكون باهظا ومروعا.

أيمن النحراوى  خبير اقتصاد النقل والتجارة الدولية واللوجيستيات
التعليقات