المتابع لقضايا الصحة العامة فى بلادنا يمكنه دون جهد يذكر أن يرصد وقائع تلك المعركة حامية الوطيس بين وزارة الصحة وأطبائها المشرفين على مشروع علاج مرضى التهاب الكبد الوبائى (سى) بعقار سوفالدى الجديد وصيادلة مصر تدعمهم نقابتهم وعدد لا يستهان به من نشطاء هذا الزمان حاولت كثيرا أن أفهم تفاصيل وقائع هذا الخلاف فلم أصل لأى نتيجة ايجابية الأمر الذى زاد من حيرتى وأدى لارتباك تفكيرى وضاعف من نقمتى على الطرفين. إذا كان هذا هو حالى، فما بالك عزيزى القارئ بحال ذلك المريض الذى يتلهف على النجاة من براثن مصير محتوم وقد أسلم حاله إلى أصحاب الشأن الصحى وقد آمن بهم إيمان الخالدين؟
ما هى حقيقة الاتهامات التى توجه لوزارة الصحة وفريق أطبائها الذى أتم التعاقد على شراء الدواء؟ هل هى اتهامات بعقد صفقة مادية تشى بقدر من الفساد؟ هل هى صفقة لصالح الدولة أم لصالح الأطباء؟ هل حقا هناك دلائل علمية تشير إلى أن الدواء مازال فى طور التجريب وأن الثمن البخس الذى تدفعه الدولة للشركة المنتجة يقابله ثمن باهظ يدفعه الإنسان المصرى المريض؟
كلها وغيرها أسئلة لا ادعى على الإطلاق ان لدى أى إجابة لها لكنها أسئلة تتطاير فى الهواء واتهامات يتبادلها الفريقان فى كل وسائل الإعلام المرئى والمسموع والمقروء.
ما هو الحجم الفعلى للحقيقة فى تلك القضية التى أراها دون شك قضية أمن قومى؟ يجب أن يكون هناك من هو الأقدر على فض هذا الاشتباك الدائر بين تلك الأطراف المتنازعة والتى هى فى الأصل مسئولة عن أمن المصريين الصحى فأصبحت تهديدا له.
ألا يرى هؤلاء أن فيما يفعلون ترويعا وأذى لملايين المرضى لا يقل عن ذلك الذى يمارسه أولى الإرهاب؟
ليكن من بينكم رجل رشيد يغلق طرفى تلك الدائرة الجهنمية. انقلوا وقائع تلك المعركة إلى مكانها الطبيعى إذا كنتم بالفعل كما تدعون جميعا أوفياء لهذا الوطن قائمين على مصلحة مرضاه. أغلقوا عليكم بابا وتناقشوا دون أغراض والجأوا إلى الحكم الوحيد الذى يقبله العقل والمنطق، العلم.
انتظرت طويلا أن أفهم لأكتب. لكننى كتبت اليوم إثر قراءتى لخبر منحنى قدرا من التفاؤل: فازت بإحدى جوائز برنامج لوريال ــ يونسكو لدعم المرأة فى مجال البحث العلمى مشروع عالمة الصيدلانية نورتان عبدالتواب. موضوع البحث كان عن مدى استجابة المرضى بفيروس الكبد سى للعلاج بعقار سوفالدى وفقا لموروثات المريض الجينية. أرشحها بلا جدال لأن تنضم للجنة من العقلاء يقطعون الشك باليقين.