تتسارع دقات الساعة، وتزداد سخونة الأجواء، ولأن كل شىء يحدث بالتدريج نرى كثيرا من الناس لا يشعرون بدقة اللحظة التى تمر بها مصر، خصوصا هؤلاء «الإخوة» الذين يجلسون فى سدرة منتهى الحكم، وما أدراك ما يصيب من يجلس هناك.
الجوع يعض البطون، واليأس قد بلغ الحناجر، والناس تعيش أياما صعبة، وحواجز الخوف قد تكسرت حتى انهارت هيبة الكبير، فى بلد طالما وقر كبراءه.
وزارة الداخلية على وشك الانهيار الفعلى، فالإضرابات تتوالى، ونحن اليوم (أعنى السبت 9مارس يوم نشر هذه المقالة) فى انتظار حكم قضائى سيزيد البلد اشتعالا، فإما أن تشتعل القاهرة، وإما أن تزداد مدن القناة نارا على نارها، وفى جميع الأحوال النار تزداد، ولا يوجد رجل إطفاء واحد يحاول إطفاء هذا الحريق بقليل من الحكمة.
انهيار وزارة الداخلية معناه أن حركة الحياة ستتوقف، أعنى أن المواطن المسكين لن يستطيع أن يأخذ قرار النزول من بيته لأى مكان إلا بعد سلسلة من الحسابات الدقيقة لكى يضمن عودته حيا إلى منزله.
فى بلد دخلته قطع سلاح قدرها البعض بأكثر من عشرة ملايين قطعة لا بد أن تقلق على حياتك إذا انهار جهاز الأمن.
هل تعتبرنى مبالغا فى مسألة انهيار وزارة الداخلية؟
ربما.. ولكن ما معنى أن يغلق الضباط أقسام الشرطة، وأن يقطع رجال الشرطة الطرق فى شكل احتجاجى لم يسبق له مثيل؟
ما معنى هذا التمرد فى معسكرات الأمن المركزى؟
نحن أمام حالة انهيار وشيكة، والحكم القضائى الذى سيصدر اليوم سيكون فاصلا ومصيريا!
هل يوجد حل لهذا الانهيار؟
كنت ــ وما زلت ــ مع الشرعية، وأرى أن الحل فى احترام شرعية الصندوق، ولكن الدولة المصرية مهددة بالانهيار لأول مرة منذ قرنين، ولا أرى أمامى حلا إلا فى انتخابات رئاسية مبكرة، وكثيرون يرون ذلك.
نحن على شفا سيناريوهات سوداء، وليس عيبا على السيد الرئيس أن يعلن استعداده إجراء انتخابات رئاسية مبكرة آخر هذا العام، على أن تقام الانتخابات البرلمانية قبلها، بحيث نضمن ألا نترك الدولة فى فراغ دستورى يزيد تعقيد الأزمة.
لو أعلن الرئيس عدم ترشحه فى الانتخابات، ولو أعلن الإخوان أنهم لن يرشحوا أحدا لهذه الانتخابات سيكون ذلك نزعا حقيقيا لفتيل الفوضى.
أما إذا استكثر الإخوان تلك التنازلات فليس أقل من انتخابات رئاسية مبكرة، وليترشح لها د/مرسى أو أى مرشح آخر، ولكن لا بد من هذه الانتخابات، لأن الدولة المصرية لا تتحمل هذا الأداء السيئ، وهذا العمى الاستراتيجى، وهذا الشلل التكتيكى الذى حول مصر إلى أمة لم يبق لها سوى قطعة واحدة من الملابس، وإذا سقطت هذه القطعة فسوف نصبح عراة تماما.
سيحسب للرئيس هذا القرار، وسيحسب للإخوان المسلمين كذلك، وإذا حدث الانهيار فسوف يخسر جميع المصريين، ولكن أكبر الخاسرين بلا شك هم جماعة الإخوان المسلمين، ومشروع الإسلام السياسى كله.
نسأل الله السلامة...