معظمنا يمشي بجانب" الحيط" و أحيانا كثيرة بداخله ..خاصة البنات ..فمن مظاهر التربية الجيدة و الأخلاق الحميدة في بلدنا أن تسيري مع القطيع ..عيناك لا تبرحان مؤخرة رأس من تسير أمامك ..عينك في قفاها من الآخر لا تبصي يمين و لا تبصي شمال..تمشي خطواتك المنتظمة في الطريق الذي مرت منه الكثيرات قبلك..و الأسلم هو أن تتقمصي مشية أمينة زوجة سي السيد، قبل أن ترفع راية التمرد فيعاقبها القدر و يجعل السوارس تخبطها..
هتبقي طيبة و تمشي على كده ..كان بها ..لكن لو خطر في بالك تكوني متميزة ..تحيدي عن مسار بقية القطيع و تأخذي طريقا مختلفا.. أنصحك تفكري مرتين تلاتة قبل ما تتخذي قرار متهور زي ده..التميز في بلادنا خطر..غير مسموح به للرجال إلا في حدود فما بالك بالنساء؟..عشان تبقي أول واحدة تعمل أي حاجة جديدة و مختلفة لازم يكون عندك مواصفات معينة مختلفة عن بقية النساء ..الاختلاف يتطلب قوة احتمال ..أعصاب حديدية و هادئة..جلد سميك بعض الشيء..مسار خال يبدأ من الأذن اليمنى إلى الأذن اليسرى..سالك ما فيهوش نقر ولا مطبات عشان تسمعي الانتقادات من هنا و تفوتي من الناحية التانية على طول ..دعم كامل من العائلة..
و كله كوم و الأزواج - إن وجدوا- كوم تاني..فرغم أن الرجال مشهور عنهم أنهم في الغالب "بيخافوا ما بيختشوش" إلا أنهم في هذه الحالة بالذات يرفعون راية "الخشا" ..فالرجال الذين لا يخشون نجاح زوجاتهم أو تميزها فصيلة نادرة توشك على الانقراض..و تقبل الزوج للقب "جوز الست" هو فعل يصنف تحت فئة الخيال العلمي في بلد مازال يعتبر رجالها أن مجرد معرفة شخص ما لأسماء أمهاتهم هو إهانة لا تغتفر..
و المقاومة لن تأتي فقط من الرجال ..فالنساء المحيطات غالبا مش هيسيبوكي في حالك..و هي فاكرة نفسها إيه؟..ماتعيش عيشة أهلها..بكرة تعملنا فيها مديحة يسري ..(مش عارفة إشمعنى مديحة يسري بس واضح إنها عملت حاجة ماعجبتهمش) ..و تصبحي بين يوم وليلة عندهن في معزة أليسا و هي لابسه الفستان الأحمر أبو جناحين و بترفرف قدام أعين الأزواج المفنجلة و أفواههم المفتوحة..
لكي تصبحي أول وكيلة نيابة..أول طيارة حربية..أول رئيسة جامعة..أول وزيرة داخلية .. يجب عليك أن تحاربي في العديد من الجبهات ..تتحملي و تصبري و تقاتلي حتى الانتصار..لا نستطيع كلنا أن نكون أنت.. سنتعجب من وجودك و ربما ننتقدك و في الغالب سنصعب عليك الحياة(إنتي اللي جبتيه لنفسك.. إستحملي بأه) لكن كوني متأكدة أننا جميعا نحلم يوما أو على الأقل كنا نحلم يوما أن نكون مكانك و نفعل مثلما تفعلين.