يستيقظ الأستاذ عبد ربه من نومه كل صباح ناظرا في ساعته اليابانية مزيحا غطاء سريره السوري متجها إلى حمامه ليغسل وجهه بصابونته التركية المميزة بينما مدام عبد ربه تعد له طعام الإفطار. بكبريتها الهندي تشعل الموقد لتعد له كوبا من الشاي الكيني ليشربه أثناء تناوله للفول المدمس الأمريكي داخل شطائر الخبز المصنوع من أجود أنواع القمح الكازاخستاني المعتبر، بينما يجلس ليلهو بأزرار قميصه المصنع من أفخر أنواع القطن الإسرائيلي، و يكتب بقلمه الإندونيسي في كراسته الصينية قائمة الجمعيات التي يدفعها ليقوم بتجهيز ابنته المقبلة على الزواج بطاقم الكاسات الفرنسي و طاقم الصيني التشيكي و غسالة الملابس الإيطالي و الثلاجة التي أعياه البحث عن دولة مناسبة يشتريها منها فقرر بعد أن (غلب حماره) أن يستقدمها من جيبوتي، و الجار أولى بالشفعة.
عبد ربه كل يوم الصبح يبص حواليه و يشعر بفخر عظيم ..سبحان من سخر له كل تلك الجنسيات لخدمة جناب سيادته ..معذورين.. ما هو كل شعب من شعوب العالم محتاج يكون متميز في حاجة بينتجها زراعة أو صناعة : سويسرا مشهورة بصناعة الساعات ، ألمانيا بالعربيات ، إيطاليا بالمكرونة ، كينيا بالشاي ، سوريا بالمنسوجات ، اليمن بالبن و العسل ، تركيا بمهند و نور ، لكن بلد عبد ربه ؟..وسع و صلي ع النبي .. بلد عبد ربه هي مهد الحضارة وعبد ربه ذات نفسه حفيد الفراعنة ..الفراعنة يا أخ مش أي كلام .. أول ناس زرعوا و أول ناس صنعوا ..حضارة 7000 سنة ..مش 2000 ولا 4000 - لأ إصحى- دول 7000 سنة .
صحيح عبد ربه عايش على قفا الأموات ..مقابرهم و معابدهم و حتى جثثهم مصدر دخله الأساسي لكن يكفيه فخرا إن بلده "كانت زمان" عندها حضارة ..و "كان زمان" عندها اقتصاد..و خد بالك من كلمة " زمان" دي عشان مهمة قوي ..يعني بالنسبة للزراعة كفاية قوي إن بلده "كانت زمان" سلة القمح اللي إنتاجها بيكفي الإمبراطورية الرومانية ..دلوقتي ربنا يخليلها كازخستان و فرنسا و القمح الأمريكي المعتبر.. بلده" زمان" كانت بتشتهر بمحصولها من القطن المميز طويل التيلة ..دلوقتي بتستورد قطن من كينيا و إسرائيل .."كانت زمان" مصر هي هبة الفول ..دلوقتي عقبال عندك بتستورده من حدائق كاليفورنيا..
لا يشغل عبد ربه باله بأن 80% من احتياجاته أصبحت مستوردة و لا يشعر بأي نوع من أنواع الخيبة الصغيرة أو الكبيرة أو الإكس لارج لما يصحى يقول فطارنا عليكي يا أمريكا و ينام يقول عشانا عليكي يا صين..و بمناسبة الصين يشغل باله ليه عبد ربه بالصناعة بأه طالما فيه دولة بنت حلال اسمها الصين ..الصين بكراريسها اللي بتساعد أبناءه على النجاح و بلعبها اللي بتدخل على أولاده البهجة ..بقمصانها و بيجاماتها اللي بتقرب بينه و بين مراته ، فبينما تعلم عبد ربه أنه ما اجتمع رجل و امرأة إلا و ثالثهما الشيطان ..دلوقتي اكتشف إن ما اجتمع رجل و امرأة إلا و ثالثهما الصين..دي حتى بتقرب المسافة بينه و بين ربنا ما هو لا يمكن يدعي إلا و في إيده سبحة صيني و هي الصلاة تحلى إلا على سجادة وارد بكين ..يشغل باله ليه بتكنولوجيا معقدة محتاجاها صناعات متقدمة زي صناعة خلة تسليك الأسنان ..يعقد نفسه ليه بصناعات لا طاقة له بها زي صناعة أعواد الكبريت و إبر الخياطة و السكر نبات ؟ فاضي هو للكلام ده ؟ ما وراهوش مسئولية إثباته للناس إنه من مهد الحضارة و حفيد الفراعنة و حضارته عمرها 7000 سنة مش 2000 و لا 4000 -لأ إوعى - دول 7000 سنة.
مش عيب إننا نفتخر بحضارة 7000 سنة لكن العيب إننا نبقى دولة مصدر فخرها الوحيد حاجات عملها أبناءها من 7000 سنة و من يومها لحد دلوقت ما عملوش حاجة تاني و ارتاحوا على كده.. أمنية حياتي إني أشوف حاجة واحدة بس بنعملها بذمة و نتميز بيها في العالم غير حكاية أحفاد الفراعنة دي..مصر دولة تتميز بزراعة أجود أنواع الجرجير ..مصر دولة تتميز بصناعة أفخر أنواع أربطة الأحذية ..مش عيب ..حاجة واحدة بس نزرعها أو نصنعها نتميز بيها يمكن تجر وراها حاجات كتير وساعتها بس يكفينا قوي إننا نقول إحنا مصريين هنقولها بفخر و مش هنحسها قليلة و لا صغيرة و لا لازم نفكر الناس طول الوقت بماضي عشان نبقى بالنسبة لهم في الحاضر أشخاص جديرين بالإحترام ..بيقولوا اللي مالوش ماضي مالوش مستقبل ..ده صحيح..طب و اللي مالوش حاضر مستقبله يبقى شكله إيه؟