رغم أنه يقع على نيل القاهرة على مسافة قريبة من ميدان التحرير الذى كان مقرا لثورة 25 يناير ولا يبعد سوى عشرات الامتار عن مبنى التليفزيون الذى كان مقصدا لمظاهرات الثورة الحاشدة فإن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية الذى يعد معقل الليبرالية الاقتصادية فى مصر على ما يبدو لا يعلم بوقوع ثورة 25 يناير التى اطاحت بالرئيس مبارك وما زالت تناضل للاطاحة بباقى رموز نظامه، الثورة الشعبية التى اطلقها الشباب وانضم اليها الشعب بكافة طوائفه، لقد فاجأتنا المديرة التنفيذية للمركز الدكتورة ماجدة قنديل ــ فى اول ندوة ينظمها المركز بعد الثورة وكان الضيف وزير المالية الدكتور سمير رضوان ــ بوصفها احداث الثورة بانها قلاقل سياسية وذلك فى اطار رصدها تاثير هذه القلاقل ــ على حد وصفها ــ على مستقبل الاقتصاد وفى حين لم يعترض احد من كبار رجال الاعمال المشاركين فى الندوة والذين احتلوا الصفوف الاولى رفض الدكتور سمير مصطفى، الخبير بالمعهد القومى للتحطيط، هذا الوصف وقال «ليست قلاقل سياسية لكنه ثورة» والغريب أن مديرة المركز لم ترد فى تعقيبها على هذا الانتقاد وكأن احدا لم ينطق به.
أما المناقشات التى دارت فى الندوة فلم تقترب من الثورة والمتغيرات الجديدة التى تشهدها مصر بعد الثورة لتقتصر على بعض القضايا التى تخص رجال الأعمال من عينة تشويه رجال الأعمال فى وسائل الإعلام وشعار «كلهم يا عزيزى لصوص» والنظام الضريبى والتوجه الاقتصادى والخصخصة ومزاحمة الحكومة للقطاع الخاص فى الحصول على التمويل والمطالب الفئوية ووقف عجلة الإنتاج.
لم تطرح الندوة أية رؤى أو تصورات للقطاع الخاص لتقليل الآثار السلبية على الاقتصاد ودفع عجلة النمو بينما اكتفى وزير المالية بتوجيه رسائل تطمين لرجال الأعمال حول ثبات التوجه الاقتصادى الحالى وحول مشروعات شمال غرب خليج السويس وشرق التفريعة باعتبارها مشروعات تنموية. لم يبادر أحد من رجال الأعمال المشاركين وهم من أعضاء المركز بدعوة زملائه من القطاع الخاص بالاستجابة للمطالب المشروعة للعاملين بمصانعهم والذين يطلقون عليها مطالب فئوية, مثل الحصول على اجور عادلة أو وضع علاقات عمل تراعى آدمية العامل حتى تدور عجلة الإنتاج من جديد وتتراجع الاحتجاجات.. وكم كان حديث خبير معهد التخطيط الدكتور سمير مصطفى عن الفقراء وتدنى الاجور ثقيلا على نفس رجل الاعمال علاء عرفة الذى كان يدير الجلسة، وعندما قال مصطفى إن عجلة الانتاج لن تدور إلا إذا أحس الناس بالعدل الاجتماعى والارتياح، قال له عرفة إنه يختلف معه فى التوجه.
بريبة شديدة سألت أستاذة اقتصاد فاضلة من العاملات بالمركز ألم تمر الثورة من هنا فابتسمت ولم ترد.