تمنيت هذا الأسبوع ان أتوقف فى هدنة قصيرة عن الكتابة عن سلبيات تتكرر فى مجتمعنا وظواهر تؤذى العين والقلب والعقل معا. حقا قد يكون دور الكاتب الذى يلز م نفسه بقضايا مجتمعه أن يشير دائما إلى ما يؤثر بالسلب فى حركة هذا المجتمع دون مبالغة أو تضخيم لكن الواقع ان هذا قد تحول فى أيامنا تلك إلى معلقات بين النواح والتعديد كلما ارتفع معها الصوت كلما اعتقد صاحبها أنها أكثر تأثيرا وأقوى أثرا.
توقفت هذا الأسبوع عند معلومة ظريفة علمية ناقشها مؤتمر أمراض الكبد المنعقد فى فيينا أخيرا أكدت دراسة علمية عرضها فريق للابحاث فى الجمعية الاوروبية لامراض الكبد ان للفلفل الحار (الشطة) أثر إيجابى يقلل من تليف الكبد!
الفلفل الحار يحتوى على مادة فعالة (Capsaicim) هى المسئولة عن ذلك الطعم الحار الذى يميزه عن انواع اخرى من الفلفل.
الى جانب اضفاء تلك المناعة المميزة للعديد من اطباق الطعام فى الثقافات المختلفة لشعوب العالم اضاف العلم له استعمالات جديدة مختلفة يستخدم الكابساسين فى مداواة بعض انواع الألم التى يعانيها الانسان فى صورة كريم أو دهان وغيرها من انواع الدهانات التى تعيق على تخفيف الالم لكنها ليست علاجا شافيا، وإن كانت بالفعل مفيدة، وربما أاشهرها تلك الملاصقة التى تستخدم لتخفيف آلام أسفل الظهر.
الاستخدام الجديد للفلفل الحار قد يعد معاونا لادوية علاج تداعيات الاصابة بفيروسات الكبد وأولها تليف خلايا الكبد الامر الذى يشى بخطورة إصابة قادمة بالسرطان.
تأكد إذن أن الكابساسين يؤدى إلى مقاومة نشاط خلايا الكبد المسئولة عن عملية التليف. حينما قدموا طعاما لمجموعتين من الفئران بعد إحداث إصابتها بانسداد قناة الصفراء (الامر الذى معه يبدأ التليف) أو علاجها من تعرضها لمواد صناعية ضارة (أحد أسباب تليف الكبد) أرى تناول الكابساسين فى الحالة الاولى إلى الحد جزئيا من تضرر خلايا الكبد والابطاء من عملية التليف بينما فى المجموعة الثانية اوقف تزايد الخطر على خلايا الكبد لكنه لم يوقف التليف.
أوصى الباحثون فى النهاية بضرورة الالتفاف إلى أثر الكابساسين الايجابى على خلايا الكبد المصابة وعملية تليفها على امل ايجاد دواء يعتمد على تلك المادة الفعالة فى معاونة خلايا الكبد على المقاومة فيما يدعم عمل ادوية علاج الاصابة بأى مرض ينتج عنه تليف الكبد.
على الفلفل الحار إذن أن يستعد لدخول ذلك السباق المحموم الذى اندلع فجأة بين شركات الادوية على انتاج عدد غير محدود من الادوية لعلاج الاصابة بالفيروسات الكبدية وربما كان على اطباء امراض الكبد أن يجدوا له مكانا دائما فى تذاكرهم الطبية بعد ان كانت «الشطة» والاطعمة الحريفة على رأس قائمة الممنوعات سيئة السمعة الغذائية.