أيام وتبدأ الدراسة فى المدارس، أحرص على زيارة المكتبات التى تعرض شتى أنواع الكراسات وأدوات الرسم ومستلزمات الكتابة، فمنذ بداياتى وأنا أهوى شراء الأوراق والأقلام على اختلاف أنواعها.
يتزايد عرض كل الأدوات المكتبية بالطبع فى شهر سبتمبر استعدادا لبداية العام الدراسى، فأجد متعة حقيقية فى اختيار ما أراه ملائما لأحفادى، وما أختص به نفسى أعتبره مكافأة صغيرة أسعد بها.. المعروض بالفعل هائل التنوع بين محلى ومستورد.
المستورد غالبا من الصين لكنه يغلب عليه الطابع الأمريكى، خاصة فكر وصور وشخصيات ديزنى المعروفة بألوانها الزاهية وقصصها الشهيرة بداية من الأميرة والأقزام السبعة إلى الجمال النائم، وعروس البحر وغيرها. كلها بالطبع تخاطب سمع وبصر الصغار وتخطف انتباههم، الأمر الذى يدفعهم إلى اقتناء الكراسات والدفاتر، ربما أكثر مما يحتاجون فى دراساتهم، والآباء المساكين ليس عليهم إلا الإذعان ودفع المطلوب فى النهاية.
عاد بى الزمن إلى البدايات وكيف كنا ننشغل فى بداية العام الدراسى بشراء الكراسات والاعتناء بتجليدها وتعريفها بالبطاقات اللاصقة عليها. ثم توقفت قليلا لأذكر كم كانت كراسات بسيطة أنيقة خالية تماما من خيالات هذا العالم المزدحم بمظاهر اللهو والمتعة البصرية. كراسات للتحصيل بالفعل لا يزينها إلا شعارات مفيدة ونصائح تظل عالقة بالأذهان طوال العام.
عبارات مأثورة وحكم فى صورة بسيطة وإن كانت بالفعل مؤثرة: «اطلبوا العلم ولو فى الصين، اغسل يديك قبل وبعد الأكل، النظافة من الإيمان، قف للمعلم وفهِ التبجيل كاد المعلم أن يكون رسولا».. كلمات بسيطة عميقة تعلق بالذاكرة طوال العام فتنطبع فى الذهن دون جهد يذكر.
أليست تلك الكلمات أكثر جدوى وأفضل من تلك الرسومات التى معها يتوه الطفل فى عالم ديزنى الافتراضى، خاصة بعد إعلان مؤسسة ديزنى العالمية واسعة التأثير والانتشار عن عزمها عن المساهمة فى التروبح للمثليين وتوطيد دعائمها فى الأرض عنوانا لنظرية قبول الآخر التى تبناها المجتمع الأمريكى والأوروبى الآن!
اليوم أدعو كل أصحاب الشأن فى وزارات التعليم والتعليم العالى والصحة لإعادة النظر فى إنتاج تلك النسخ القديمة من الكراسات التى درجنا على استعمالها يوميا، وبالتالى قراءة ما كُتب عليها من شعارات أخلاقية تدعو الأطفال لفطرة الله السوية التى خلق عليها الإنسان ودعاه إلى اتباعها.
إذا فكرنا فى مبدأ الوقاية خير من العلاج لكانت تلك وسيلة بالفعل قوية بالغة التأثير فى الأطفال يمكن باتباعها التنبيه لأخطار انتقال العدوى ووسائل الوقاية من الأمراض السارية.
إنتاج كراسات لها الطابع المحلى المصرى فكرة بالفعل أراها قابلة للتنفيذ بنتائج رائعة، فالثقافة المصرية غنية بالتنويعات والألوان والشخصيات البديعة والتى بلاشك ستغرق شخصيات ديزنى التى ألفها الأطفال بالتكرار وليس القبول والألفة التى يجب أن تتوافر فيها.
إضافة نصاح طبية واجتماعية وعناوين يتقبلها الطفل ويتعودها ويجدها فى البيئة التى يعيش فيها بين أسرته وأصدقائه إلى كراساته فكرة أراها مفيدة للغاية ومؤثرة.
معلومات بسيطة علمية تحفز الذهن وإرشادات يتقبلها الطفل بتلقائية تدفعه لأن يعمل بها ويراعيها فى كل تصرفاته فى المنزل والمدرسة والنادى بلاشك فكرة لن تكلف الدولة شيئا لكن عائدها بالفعل عظيم على الجميع.
أرجو ألا أكون قد تأخرت فى عرض الفكرة الصالحة لكل الأزمنة القادمة علنا نستغنى عن ديزنى ومنشوراتها التى أراها الآن فى كل مكان بقوة.
نحن بحاجة لكراسة مصرية يسجل فيها أطفالنا قصصهم وحكاياتهم النابعة من ثقافة مصرية خالصة على لسان شخصيات مصرية وإن كانت تتحدث لغات العالم فى ظل مجتمعات طبيعية لا انحراف فيها أو شذوذ.
كل عام دراسى وأنتم جميعا إلى الله أقرب..
وإلى أطفالكم مثلٌ وقدوة.