●● كلاسيكو جديد. رقمه 222 فى تاريخ مباريات برشلونة وريال مدريد. المشاهدون عبر الشاشات تجاوز عددهم 400 مليون حسب تقديرات شركة «ميديابرو»، المسئولة عن إنتاج وتوزيع إشارة البث التليفزيونى للمباراة عبر شبكات الجزيرة، وسكاى سبورتس، وأى إس بى إن. وكان المعلق الإنجليزى يعرف متى يتكلم ومتى يسكت ومتى يضحك ومتى ينفعل، وهو دائما هادئ على الرغم من اشتعال الملعب، ولم يكن مشتعلا مثل معلقنا العربى فى مباريات يكون الملعب فيها ميتا. (متابعة المعلق الإنجليزى بحثا عن الهدوء النفسى والتركيز وابتعادا عن التشويش).
●● كانت هذه المباريات دائما مصدرا للمتعة. لكنها أصبحت فى الفترات الأخيرة تقدم لنا المتعة والغضب. فأنت يغضبك أن ترى جمال المدرجات وازدحامها وحالة المهرجان فى ملاعب أوروبا. فيما تتذكر حال مدرجاتنا وما فيها من أناشيد احتقان واستياء (أى والله نحن نغنى للاحتقان وللاستياء ). ثم إن ملاعبنا كانت فى الستينيات تحتشد كاملة بالجماهير. ولكنها فى السنوات الأخيرة تحتشد بخمسة عشر ألف متفرج فى أفضل الأحوال. أين ذهب الجمهور لماذا لم يعد يذهب؟
●● من التفسيرات أن التليفزيون ينقل المباريات فأصبح المتفرج يفضل المشاهدة فى مقهى أو كافيه وبجواره أكواب الشاى، وهذا حسن، والنرجيلة أو الشيشة، وهذا مش حسن. لكن التليفزيون كان ينقل المباريات قديما أيضا، إلا أن الكافيه لم يكن منتشرا قديما، وانت ترى اليوم أسفل كل شقة وعمارة مقهى ومغارة.. ومن التفسيرات أنها الحالة الاقتصادية وراء إحجام الذهاب إلى الملعب. لكن الحالة الاقتصادية لم تكن رائعة يوما لا قبل ولا بعد. تفسير آخر أن المشجع بات يرى أن الدخول والخروج من الاستاد يساوى مرور الجمل من ثقب إبرة.. ويا لها من معاناة. مسكين الجمل. أضف إلى ذلك وسائل المواصلات والانتقال. وغياب وسائل الترفيه بالكامل. فلماذا يضع المشجع نفسه فى الأسر؟
●● كرة القدم صناعة. إلا أن معظم من يعلمون من جماعة «إحنا اللى خرمنا التعريفة».. وهى جماعة ترى فى نفسها عبقرية القدرة على فعل أى شىء، والنتيجة أن الخروم فاقت الحدود، وانتشرت فى مواسير وشرايين البلد.. ثم إنه فى مفهوم الصناعة يجب الاهتمام بالملاعب وبمستواها. وبتسويق المباريات وبتذاكرها. وراقب كيف يفوز المتفرج بتذكرة.. إنها الحرب؟ هناك فى العالم الآخر تشويق الجمهور، وتحويل المدرج إلى ساحة بهجة وكرنفال. وهنا تعذيب الجمهور. أما المدرج فهو ساحة الأذى والآلام. وهناك يستطيع المواطن أن يجد شربة ماء، وقطعة غذاء، وكل الحاجات. وهنا للأسف تصادر منه زجاجة المياه لأنها قنبلة، ويمنع عنه الغذاء، لأنه ترفيه. وهنا بالقطع لا يجد المواطن حاجة ولا يستطيع.. وأضف إلى ذلك أن ملاعبنا بلا تأمين للجماهير فيحدث تكدس وتدافع عند وقوع كارثة. وعليك كمشجع أن تذهب إلى ملعب مباراة مهمة أمس، قبل أن تقام غدا.. بينما هناك يمتلئ الملعب فى نصف ساعة ويخلى الملعب فى 10 دقائق.. «الله يسامحكم يا بتوع برشلونة وريال مدريد.. وربنا يخلى لنا الصنايعية بتوع الصناعة».