أعيد كتابة هذا العنوان الذى حدث وكتبته منذ عامين فى نفس المكان ولذات الحدث. جاء ذكر مصر تلى تركيا على رأس قائمة العار والمقصود بها تجارة زراعة الأعضاء فى تحقيق صحفى مصور للجارديان الأسبوعية ونقلته عنها صحف العالم ووسائل إعلامية.
أباح العالم بأسره عملية نقل الأعضاء من إنسان لآخر بشروط علمية وإنسانية حتى أن الكثيرين من البشر حاليا يحملون ضمن هوياتهم بطاقة تصرح بنقل بعض من أعضائهم بدءا بقرنية العين وحتى القلب بعد وفاتهم طبيعية كانت أو إثر حادثة. لا يتحول الأمر إلى تجارة إلا فى بلاد يغيب فيها القانون ويدهس الفقر فيها كرامة الإنسان أن يضطر الإنسان تحت وطأة الفقر والعوز والحاجة أن يبيع قطعة من جسده لآخر يملك المال ويسكن المرض جسده أملا فى الشفاء هو العار بذاته، أما ما يزيد الأمر قتامة فهو أن يتم ذلك على يد سمسار يحمل درجة علمية ولقب جراح.
شبكة دولية، ملايين الدولارات، مستشفيات حكومية وأخرى خاصة، مصريون تقاضوا الفتات، سعوديون، يمنيون، ممرضات، معامل وأطباء وأساتذة جامعة كلها مفردات تشى بقضية بالغة الخطورة سلمت يد من تعقبها وأعلن عنها وألقى القبض على مجرميها. يظل المجنى عليه فى تلك القضية هو الإنسان المصرى: الإنسان المصرى الذى دفعه الفقر المدقع لقبول بقايا ما حصل عليه السمسار مقابل قطعة من جسده من لحمه الحى. مجنى عليه أيضا الإنسان المصرى مثلك ومثلى الذى يقف مشدوها مرتجفا أمام تلك الحمم التى أطلقها الإعلام بلا رحمة وبكل وسائله على اختلاف أنواعها وتأثيراتها.. بلا حول ولا قوة تداهمنا اسئلة كثيرة تجعل من تلك القضية فزاعة الأيام القادمة وتجعل من وقائعها كابوسا يستحيل معه الحياة فى أمان.
< هل حقا انتشر بيننا الفقر إلى تلك الدرجة التى تجعل تجارة الأعضاء إحدى وسائل كسب العيش بين المسالمين من البشر إذ إن طرف النقيض يلجأ للسرقة والنهب والبلطجة وذبح الآمنين فى منازلهم فحادث السيدة نيفين لطفى مازال ماثلا فى الأذهان.
< ما علاقة خطف الأطفال بتجارة زراعة الأعضاء، كشف الأهرام فى تصريحاته الداخلية أن أول الخيوط التى قادت إلى شبكة تجارة الأعضاء كان القبض على سيدة فى محاولتها للتخلص من طفل داخل جوال خاليا من أعضائه الداخلية وأنها اعترفت بالتعامل مع العصابة وأنها خطفت سبعة أطفال فيما سبق.
إذا استعملها العقل والعلم فإن نقل الأعضاء عملية بالغة التعقيد حتى يضمن الجراح نجاحها. المعروف منها فى مصر حتى الآن هو نقل الأعضاء من حى لآخر وتلك التى يمكن إجراؤها فى ظل غياب القانون والرقابة أولها وأكثرها تداولا نقل وزراعة الكلى يليها الكبد الذى يمكن نقل فص منه من إنسان لآخر وهذا أمر يكاد يكون بالغ الصعوبة إذ أن من يستطيعه من جراحى مصر مازالوا يعدون على أصابع اليد الواحد.. فى الصين كانت زراعة الكبد تتم بنقلها من المحكوم عليهم بالإعدام حتى زكمت الرائحة أنف العالم فأوقفوها.. نقل أى عضو آخر حتى لو كان فى سائل حافظ كالقلب على سبيل المثال لا تضمن سلامته بعد ست ساعات على الأكثر.
إذن تظل تجارة الأعضاء محصورة فى نقل الكلى وربما الكبد وتزداد ملامحها قبحا فى سرد التفاصيل.
ما علاقة خطف الأطفال إذن بتجارة زراعة الأعضاء؟ هل هناك حالات تم رصدها لانتزاع أعضاء أطفال ثم خطفهم؟ أم أن خطف الأطفال جريمة أخرى تزيد من وطأة الإحساس بالخوف وانعدام الأمان فى وطن يعيش محنة لكنها بعيدة عن تجارة زراعة الأعضاء؟
هل ترويع الأمهات والأهالى أمر له حساب فى وجدان مسئولى هذه الأمة حتى يهتم منهم أحد ليعلن علينا حقيقة الأمر؟
نسمع الكثير من حلو الكلام ومعسول التصريحات فى كل المناسبات الحقيقية منها والمختلفة فقط لافتعال الحوارات وما بحلوقنا إلا العلقم أهل هذا الزمان المر.