الشباب وقود كل ثورة. الزعيم مصطفى كامل كان يخاطب طلبة المدارس العليا (الجامعات) فى مطلع القرن العشرين. ومظاهرات الطلبة عام 1968 فى مصر كانت ضد أحكام الطيران بعد الهزيمة.
ومظاهرات الطلبة عام 1971 كانت دعوة للحرب.. الشباب هم وقود ثورة 25 يناير.. لكن لا تختصروا الثورة فى الشباب، فملايين المصريين معهم. الأغنياء والفقراء.
المثقفون والبسطاء. الشيوخ والكبار والصغار. ولم نجد مصريا فى أية مظاهرة يهتف لزجاجة زيت أو ينادى على كيلو سكر.. فهذه الثورة تختصر ببساطة فى استرداد كرامة الإنسان المصرى.
تجلت هذه الأيام فكرة الضمير المهنى.. الإعلام عليه رصد للأحداث .. لا يجب أن يكون الصحفى طرفا بمصلحة ولا طرفا بالرغبة فى منصب، ولا طرفا بالالتصاق بالسلطة والنفوذ، ولا طرفا بالصداقة أو القرابة.. تلك هى المهنية.. وهناك أمام أى إعلامى اختيارات معروفة.
فإما أن يختار السلطة والنفوذ، وإما أن يختار المال والأضواء والشهرة بأية وسيلة، وإما أن يختار الناس.. وعندما يكتب صحفى كبير فى هذه الأيام أن المادتين 76 و77 كانتا مفصلتين على جمال مبارك أشعر بالفزع والغضب، لأنه قبل أيام من 25 يناير وطوال سنوات قبل هذا اليوم كان يرى الدستور مناسبا وكاملا.. ويرى الذين يطالبون بتعديله من السفهاء..
أحسن اختيار عند الإعلامى والصحفى هم الناس.. وبالناس يفوز صاحب الرأى الصادق بحصانة لا يمكن اختراقها أو هزها.. وكان من الأفضل للذين تحولوا وتغيروا وركبوا الموجة الآن، كان من الأفضل لهم أن يتقدموا باعتذارهم، وأن يعلنوا اعتزالهم، أو أن يصمتوا، وهو أسوأ الفروض.. لأنهم كانوا يرون التزوير، وفى الوقت نفسه يتحدثون عن نقاء الانتخابات، وكانوا يرون الحرية منحة، وأنه على الشعب أن يقبل يده اعترافا بفضل المانح، وكانوا يصفونها بأنها حرية التعبير أو حرية التنفيس..
كانت الحرية عند هؤلاء تعنى حرية الكلام، والكلام والكلام ولو مع النفس.. ومنهم من كان يرى أن المصرى عليه أن ينحنى تقديرا لأنه يسمح له بالحديث مع نفسه.. هؤلاء هم المتحولون..والمصريون يملكون قائمة بالنصوص و بالأسماء.
يبقى أن القدر ادخر ميدان التحرير ليوم 25 يناير.. إنه ليس ميدان الثورة ولا الشهداء ولا 25 يناير.. القدر ادخر ميدان التحرير لهذه الثورة، لأنه كان فى الطريق لأن يصبح ميدان عبد الناصر، أو السادات أو مبارك.. لكنه ظل ميدان التحرير.