مساء الأحد وفى ساحة كاتدرائية دومو التاريخية بمدينة ميلانو وقف أندريا بوتشيلى مغنى الأوبرا الإيطالى الأشهر لينطلق صوته القوى الملون الآسر إلى سماء العالم من إيطاليا داعيا كل البشر إلى التوحد فى دعاء جماعى لأن يدفع الله الخطر عن الإنسان وأن يشفى كل إنسان طاله الوباء وأن يبقى الحب على الأرض أملا فى أن تقود البهجة إليها.
بعد أيام مرة وزمن صعب عاشه سكانها.
رسالة بوتشيلى تتزامن وأعياد القيامة التى تأتى هذا العام وقد انعقدت فى سماء العالم غيوم داكنة كثيرة تثير الخوف فى نفوس البشر وتنذر بما يهدد أمنهم. تأتى أيضا ومسلمو العالم يتأهبون لاستقبال شهر رمضان الكريم ومساجدهم مغلقة وكعبتهم حرام عليهم دخولها وبيتهم العتيق أغلقت أبوابه فى إجراءات احترازية تستهدف سلامتهم فى المقام الأول، فالحياة بالفعل أصبحت مهددة وفناء البشرية احتمال وارد فى نظر البعض.
أطل الحظر بوجه واحد قبيح على العالم بأسره فكان كفيلا بأن يوجه البشر فى موقف واحد قوى مقاوم له لكن الواقع جاء مخالفا، فحتى الآن العالم فى قبضة السياسيين رغم الجهد المذهل الذى يسابق به العلماء والأطباء الزمن للحصول على علاج أو لقاح لم تترك لأحد منهم موقعا مسئولا منه يتحدث للعالم، فصوت الرئيس الأمريكى الأعلى دائما يشخص الداء ويقترح الدواء بينما طبيب الأمراض المعدية الأشهر فى أمريكا يلاحقه محاولا تصحيح ما يدعى من معلومات ما دون جدوى.
مدير عام منظمة الصحة العالمية يدعو لعدم تسييس الوباء بينما يهدد رئيس الولايات المتحدة برفع الدعم عن المنظمة متهما إياها بالانحياز للصين.
انتصرت الصين فى معركتها مع الوباء بإجراءات بالغة القسوة وحزم بلغ حد تحويل حدود البلاد إلى سجن كبير، واليوم تعلن بزهو عودة الحياة الطبيعية إلى مدنها وتبيح السفر، فماذا قدمت للعالم اليوم بعد أن كانت بؤرة تفشى الوباء فى العالم كله؟
ذهبنا للصين نؤازرها فمتى ترد الصين الجميل للمصريين؟ هل نتوقع زيارة من مسئولى الصين يعاونوننا فيها على تعلّم كيفية بناء مستشفى وإدارته فى عشرة أيام؟ هل سيحمل إلينا الصينيون أطنانا من مستلزمات الوقاية التى نحتاجها الآن بشدة؟
امتد بنا حظر التجول، الأمر بلا شك يشير إلى أن احتمالات الخطر مازالت واردة، وإن كنا لا نعلم حتى الآن أين موقعنا على منحنى الخطر؟
أعلم جيدا أننى قد عجزت تماما عن فصل العام عن الخاص فى أمر الوباء وأظننى لست الوحيدة، فقد زابت الحدود وأصبح الشأن العالم هو الخاص حينما يفكر الإنسان فى نفسه يراها بين العالمين جزءا من كل.
كشف الوباء عن أن أعتى الأنظمة الصحية فى العالم قد ارتكبت تحت وقع ضرباته فما بالنا فى مصر؟
تحتاج مستشفياتنا الآن دعما أكبر من الدولة والمجتمع المدنى خاصة لحماية الأطقم الطبية التى تقف على خط المواجهة ليس من المنطقى أن تغلق مستشفى ظهر فيه حالة إيجابية لعدوى الفيروس بل التعقيم والتطهير الفورى بصورة سليمة وفعالة ومعاودة نشاطه فور الانتهاء من التعقيم.
من الواجب أن تخضع الآن كل مستشفيات الدولة لوزارة الصحة الجامعية منها أو الخاصة إلى جانب مستشفيات النقابات المختلفة وأن تلزم باستقبال حالات الطوارئ وتجهيز أماكن للعزل والنظر فى أمر العاملين وأدوارهم المختلفة ومتى يجب عزل المشتبه فيه منهم، وأن توفر لهم أماكن عزل خاصة بهم فى كل مستشفى.
لننصت إلى بوتشيلى يغنى للحب والشفاء والأمل وندعو معه آملين أن يستجيب الله للإنسان الذى خلقه فسواه.. ولا نظنه مضيعه أبدا.