تحولت منطقة الحدود بين إسرائيل ومصر فى الآونة الأخيرة إلى منطقة قتالية، وأصدر الجيش الإسرائيلى أوامر إلى جنوده تقضى بعدم التمييز بين المهربين والعناصر «الإرهابية» وإطلاق النيران على أى شخص مشبوه يقترب من هذه المنطقة، بداية فى الهواء ومن ثم تصويبها على الأرجل. وفى واقع الأمر لا يكاد يمر يوم واحد فى هذه المنطقة من دون أن تقع فيه حوادث إطلاق نار، خصوصا فى ساعات الليل، ولا شك فى أن هناك ضحايا كثيرة بين قتلى وجرحى فى الجانب المصرى من الحدود.
فى المقابل، فإن البدو فى شبه جزيرة سيناء الذين يقدمون مساعدات إلى شبكات التهريب المتعددة وإلى العناصر «الإرهابية»، غيّروا سلوكهم هم أيضا وبدأوا يطلقون النار على جنود الجيش الإسرائيلى، ولا يترددون فى إطلاق النار على الجنود المصريين فى حال اعتراضهم لهم.
وقد أدى تغيير تعريف منطقة الحدود مع مصر حتى الآن إلى تغيير فى حجم قوات الجيش الإسرائيلى المنتشرة فى تلك المنطقة، وإلى تغيير نوعيتها. كما أقامت قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية «طواقم استخبارات خاصة» مؤلفة من أفراد جهاز الأمن العام «شاباك» والشرطة والجيش، وتعمل هذه الطواقم فى كل من سيناء وقطاع غزة ومنطقة النقب.
من ناحية أخرى، من المتوقع لدى الانتهاء من أعمال إنشاء الجدار الأمنى على طول منطقة الحدود مع مصر أن تنتقل كل هذه التجهيزات إلى منطقة الحدود مع الأردن والتى تشير التقديرات السائدة لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أنها ستشكل بديلا من منطقة الحدود مع مصر فى كل ما يتعلق بعمليات التهريب والعمليات المسلحة.
ويطالب المصريون من ناحيتهم بتغيير بنود الملحق العسكرى لاتفاق السلام مع إسرائيل، بما يتيح لهم إمكان إدخال دبابات وطائرات هليوكوبتر مقاتلة إلى سيناء من أجل محاربة كارتيلات الإجرام المنظم والخلايا «الإرهابية»، غير أن إسرائيل ما زالت تعارض ذلك جملة وتفصيلا كى لا تشكل هذه الخطوة سابقة يمكن أن يترتب عليها فى المستقبل احتمال زيادة حجم القوات العسكرية المصرية المرابطة فى منطقة الحدود بين الدولتين.
فى الوقت نفسه لابد من التنويه بأن الشرارة التى يمكن أن تشعل التوتر مع النظام الجديد فى مصر موجودة فى غزة، وكامنة فى أى عملية عسكرية ستقدم إسرائيل عليها هناك فى المستقبل. وبناء على ذلك فإن إسرائيل أصبحت الآن بحاجة أكثر من أى وقت مضى إلى التنسيق مع أجهزة الأمن فى مصر، وبحاجة إلى العلاقات الوثيقة القائمة بين هذه الأجهزة وبين حركة «حماس» فى غزة كى لا يتدهور الوضع فى منطقة الحدود بين إسرائيل والقطاع إلى ما لا يُحمد عقباه.
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية