قد يبدو عنوان المقال غريبا.. لكنه إذا صح تقديرى: دعوة لكل من يقرأ صفحتنا اليوم فى «الشروق» لأن يتابع أحد أفلام ديزنى الذى أتابعه بشغف فى كل مرة أشعر بالحاجة لمتابعته. حينما شاهدت الفيلم للمرة الأولى أذهلنى الجهد البادى الذى رأيته فى التعبير عن فكرة كثيرا ما نخشى الحديث عنها مع أطفالنا: الموت!.
إذا كان السؤال الأشهر الذى يطرق به الطفل باب المعرفة والتجارب الحياتية هو كيف أتيت أنا إلى الحياة؟ فإن السؤال التالى بلا شك سيطرح نفسه حينما يجد الطفل نفسه وحيدا أمام واقعة اختفاء إنسان من عائلته يحبه وينتمى إلى ظله ويعايش أحزان عائلته ووقائع الحدث التى معها يتعدد مظاهر الحزن. من الطبيعى أن يتجهز الأهل للإجابة على تساؤلات الصغار وهنا تأتى أهمية الأدوات التى يعتمد عليها الأب والأم فى تقديم المعلومة بصورة مؤثرة سهلة تنفذ لعقل الطفل فى يسر لتؤثر فيه وتشكل قناعاته مستقبلا.
الفيلم بالفعل اكتملت له عوامل الإبهار التى تجذب الكبار والصغار معا لمشاهدته والاستمتاع به الأمر الذى يدفعهم لمشاهدته لمرات متعددة كما حدث معى تماما.
الفيلم وإن كان بالفعل يتحدث عن الموت إلا أنه قد تحدث عنه بلغة خاصة جذابة تدور حول الفكرة وما قد تمسه من تأثيرات فى حياة البشر.
قصة الفيلم مستوحاة من التراث الثقافى لحضارة شعب المكسيك.. تدور حول تعلق الطفل «مجيل» بالموسيقى ورغبته فى أن يصبح موسيقيا شهيرا كالمغنى الأشهر وعازف الجيتار «إرنستو دى لاكروز» يستعرض الفيلم كيف يحتفل الناس فى المكسيك بموتاهم ويستعرض حرصهم على أن تستمر علاقاتهم بهم متصلة بعد أن يغادروا الدنيا وأن ذلك التقليد الذى تحرص عليه العائلات يؤكد انتماء الإنسان للعائلة التى تتعمق جذورها فى الأرض.
تحرص العائلات على الاحتفال «بيوم الذكرى» مرة فى العام فيما يسمى أيضا بـ«يوم الموتى» حيث تضاء الشموع على «الأوفرنيدا» تلك الطاولة التى يزينها مفرش بهيج وباقات من الزهور يعتنى بها دائما ويتم تغييرها كلما ذبلت وعليها يتم ترتيب إطارات فيها صور كل من وافته المنية من العائلة.
فى يوم الذكرى تجتمع العائلة لتستقبل أرواح كل من رحلوا ولا يتخلف منهم أحد إلا من نسته العائلة أو لم يأتِ له ذكرى فى «الأوفرنيدا». الفيلم بلا شك يعد أيقونة فى عالم الرسوم المتحركة الذى تتسيده دون منافس مؤسسة «والت ديزنى» العالمية منذ بداية الفار خفيف الدم ميكى ماوس وعائلته.
يؤصل الفيلم لمبادئ بالفعل نبيلة منها الارتباط بالعائلة والالتزام بقوانينها والترابط بين أفرادها فى الحياة والموت والتأكيد على ضرورة التسامح وأهميته للبشر.
رغم أن القضية الأساسية فى الفيلم هى الموت إلا أنك لا تراه وإن ظل قائما فى الخلفية إنما تبهرك الأفكار والشخصيات والألوان البهيجة والشخصيات الأسطورية. ينجح الفيلم تماما فى أن يقنعك بأنك فى عالم الموت الفريد وأن الصلة بين الموت والحياة دائمة وأنها لا تخلو أبدا من بهجة ولا تغيب عنها الموسيقى والألحان وتسطع فيها الشمس وتزهر النباتات وتثمر الأشجار وتظل ذكرى الإنسان قادرة على إحياء صورة له دائمة فى قلوب عائلته وأحبائه وتمر السنوات على أمل لقاء فى يوم الذكرى من كل عام ما دامت له صورة هناك فى إطار حرصت عائلته على وجوده على «الأوفرنيدا».
الفيلم يتفهم أحداثه أطفال منذ بداية عامهم الخامس كما صرح مسئولو والت ديزنى. وأرى أنا أيضا هذا فقد شاهدته مع أحفادى كريم ونديم (الحادية عشرة والثانية من أعمارهما). الفيلم يصلح دون أى شك فى إزالة رهبة الموت من نفوس الصغار وعرض الفكرة لكن جهد الأب والأم يأتى بعد ذلك فى شرح المعانى التى تؤكدها قناعاتنا الدينية الأمر الذى معه يجب استدعاء كل قوى الذكاء الفطرى والقدرة على مخاطبة عقل الطفل وإقناعه بقناعاتنا.
أتمنى أن تشاهدوا الفيلم وأسمع منكم التعليقات والتساؤلات.