فى دراسة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 2000 أظهرت النتائج تزايدا مطردا فى نسبة الحوادث العنيفة داخل المجتمع المصرى..
وأشارت بعض النتائج إلى أن نسبة العنف اللفظى تصل إلى 41% من حجم العينة والعنف الجسدى إلى 29.6%، وفى دراسة أخرى وجدوا أن 79.9% من إحدى العينات تبرر العنف الجسدى ضد الأطفال، و77 % تجد أن عنف الزوج تجاه الزوجة شىء منطقى ومبرر..
بالتأكيد أنت مش محتاج المقدمة دى عشان تدرك حجم العنف داخل المجتمع اللى انت عايش فيه.. يكفى أنك تفتح كل يوم الصبح أى جريدة أو مجلة على صفحة الحوادث وتقرا الحادثة.. «فلان قتل فلان بسبب خلاف على 5 جنيه.. أخينا اللى ولع فى مراته عشان ملحها فى الأكل كتير والأخت اللى خنقت أختها عشان مارضتش تسلفها شريط تامر».. بالتأكيد برضه إنت عارف الأسباب.. أسباب اقتصادية مثلا زى الغلاء..
يعنى سواق الميكروباص اللى بيتخانق الصبح ممكن جدا يكون نام وصحى لقا البنزين غلى فملقاش حد يطلع فيه غله غير حضرتك. البطالة.. ممكن الصاحب اللى قتل صاحبه عشان 5 جنيه يكون تصرفه منطقى بالنسبة لك لو عرفت إنه عاطل بقاله 9 سنين ومايعرفش هيجيب غيرها منين أو هيقدر أساسا يجيب غيرها والا لأ؟.. تأخر سن الزواج.. الشعور بالظلم.. القهر.. الكبت الجنسى.. الأسباب كتير.. لكن انت مش معايا إن يوم بعد يوم الناس شعورها بالخنقة بيزداد.. الإحباط والاكتئاب اللى بتشوفه على وش الناس كل يوم الصبح وضيق الخلق أصبحوا السمة المميزة للإنسان المصرى بعد ما كان مشهور بأنه (ابن نكتة وضارب الدنيا بالشوز).. وفى حين إن بعض أسباب التحول ده لا يمكن حلها على المدى القصير (البطالة والغلاء وما شابه) بل لا يمكن حلها عن طريقى وطريقك (الموضوع محتاج ناس كبيرة بتقول كلام كبير)، لكن فيه حاجات نقدر أنا وانت نعملها، مجموعات أهلية.. منظمات مدنية.. أو مجرد شلة أصحاب هدفها محاربة تدهور الحالة النفسية للناس اللى هو من الأسباب الرئيسية لتفشى العنف، تعالى نفكر بره الصندوق، لأ بره القارة خالص،
فى أثناء تصفحى للإنترنت وقع فى طريقى موقع سويدى مبتكر.. الموقع اسمه (نظرية المرح) بتقوم فيه مجموعة من الأشخاص برعاية فكرة غريبة شوية عننا وهى إن «المرح» ممكن يغير تصرفات الناس للأفضل.. هم بيهتموا بالبيئة مثلا فبيخترعوا صندوق قمامة مركبين فيه جهاز تسجيل بيصبح عليك كل يوم الصبح وانت بترمى زبالتك فيه.. صباح الخير يا عسل.. صباح الفل يا جميل.. والله ما فيه زيك اتنين فى نضافتك يا واد انت يا طعم.. الناس بتضحك وتيجى ترمى تانى والأطفال بيجروا أهاليهم جر عشان يسمعوا الكلمتين دول كل يوم الصبح.. بيهتموا بصحة الإنسان فبيحولوا سلم فى مترو الأنفاق للوحة بيانو كبيرة.. مجسات فى كل سلمة بتصدر نغمة من نغمات البيانو والسلم ملون بالأبيض والأسود وبيدى النغمات الصحيحة لكل درجة فبالتالى الناس سابت السلالم المتحركة وابتدت تستعمل السلم ده.. اللى بيعزف سيمفونية واللى بيعزف أغنية أطفال واللى بيعزف بوس الواوا بالسويدى، المهم إن الناس اتحركت واتحقق غرض المجموعة فى المساعدة فى الاعتناء بصحة الناس، تعالى نفكر ازاى ممكن نطبق الفكرة دى عندنا؟.. لوحة تليفزيونية كبيرة مثلا فوق أى طريق معروف إنه بيتعطل لمدة طويلة بتعرض أفلام كارتون..
متهيألى بعد ما تتفرج على 10ــ 15 فيلم لـ«توم آند جيرى» صعب تدوس بعربيتك شخص تانى لمجرد إنه اتجرأ وعدى قدامك بدون استئذان، ميكروفون مثلا فى كل فرن عيش مثبت على إذاعة أم كلثوم ممكن يخللى اللى واقفين يتسلطنوا وبدل ما يموتوا بعض كل واحد يغنى للتانى اللى هو عشرة ييجى 3 أيام وقوف فى الطابور (لو مر يوم من غير لقياك مايتحسبش من عمرى) لفتات قد تبدو بالنسبة لك عبيطة وشكلا من أشكال الرفاهية، لكن الصحة النفسية للإنسان المصرى صدقنى محتاجة لفتات عبيطة زى دى..
أنا شخصيا أول واحدة ممكن تتشجع وتبدأ مجموعة زى المجموعة السويدية دى مع بعض أصدقائى، بدلا من أن تلعن الظلام.. ولع عود كبريت يا أخى، تفتكروا فكرة زى دى تساعد على المدى الطويل على تقليل نسبة العنف فى المجتمع؟.. والا هننضرب والا إيه؟