ارتبطت التطعيمات والأمصال دائما بفعل الوقاية من الأمراض وأخطار مضاعفاتها، وأصبحت أمرا ملزما على لائحة برامج صحة الطفل خاصة والكبار عامة، ونجحت فى القضاء على أمراض عرفت بشراستها مثل الدفتيريا التى عرفها عامة المصريين «بالخناق» نظرا لضراوة مهاجمتها للجهاز التنفسى، مما يؤدى لخنق الطفل. أيضا الجدرى وشلل الأطفال والسل الرئوى.
كلها تطعيمات وأمصال لم يحدث أن صدرت بشأنها فرمانات ولا قوانين تجبر الناس على تناولها أو تخلى الدولة مسئوليتها عمن يرفضها بل وتطالبه بتوقيع إقرار أنه فعلا على مسئوليته الخاصة.
كلها تطعيمات وأمصال لأمراض خطورتها تتعدى خطورة كل أنواع الإنفلونزا على اختلافها وتحمل أيضا احتمالات أن تتحول إلى وباء. فلماذا أقبل الناس على اختلاف مستوياتها الاجتماعية والثقافية وبلا تردد على تطعيم أبنائهم وفقا للقواعد الصحية المعمول بها ورفضوا تطعيم إنفلونزا الخنازير؟
الواقع أنه لم ينل لقاح حظا من الجدل والشك والمقاومة ما ناله لقاح إنفلونزا الخنازير فى العالم كله. صاحبته الشكوك للسرعة التى تم بها إعداده ولم تسلم طريقة تحضيره ومكوناته من انتقادات علمية حادة من دوائر طبية وعلمية لها شأن.
إضافة مادتى سكوالين والزئبق وعلاقتهما بمضاعفات تظهر فى غضون ستة أشهر على الجهاز العصبى المركزى. أو مرض التوحد عند الأطفال. كلها اعتبارات واجهتها دول العالم بشجاعة ومسئولية. أمريكا رفضت تماما استخدام مادتى السكوالين والزئبق وشجعت على الإقبال على التطعيم وأتاحته مجانا.
دول أخرى أجرت اختباراتها على التطعيم فى معاملها على الحيوانات وردت كل الشحنات التى ثبت تلوثها، كندا أقامت مصنعا كاملا لإنتاج لقاح تضمن سلامة مكوناته قبل أن تدفع به لمواطنيها. الصين تنهى تجاربها الآن على لقاح جديد قد يكون أكثر فاعلية من المتاح حاليا.
كل دول العالم كان لها رأى فى اللقاح يجعلها مسئولة أمام شعوبها رغم علم الجميع أنه قد يحمل بعض المخاطر ،إلا أن الأبحاث تجرى عليه فى كل بلد فى محاولة للاستفادة منه وتجنب خطورته. إلا نحن فقد ملأنا صفحات الجرائد بالتصريحات المتناقضة وشغلنا برامج التليفزيون بأحاديث معادة وأعددنا المقابر الجماعية وحددنا مكانها وزورنا المراكز الطبية بنماذج الإقرارات التى قضت على القدر البالغ من ثقة الناس فى قدرة الحكومة على إدارة الأزمة ومازلنا ننتظر الفائض عن احتياج دول أوروبا من كميات اللقاح التى لم تستخدم لأسباب لا أظنهم ملزمين بشرحها لنا. لذا أقترح أن نلزمهم بتوقيع إقرارات أسوة بنا!.