يحكم مصر نظام رئاسى، بموجبه يتحتم على رئيس الجمهورية، وعقب توليه مقاليد الأمور، تشكيل الحكومة إما عبر تجديد الثقة فى الحكومة القائمة، أو إعادة تشكيلها وحسبما يرتأى رئيس البلاد، ولا بد وأن تعاونه السلطة التشريعية ممثلة فى البرلمان، فى الموافقة على الحكومة الجديدة المُشكلة، وفى حال رفض البرلمان للحكومة الجديدة، يتعين على رئيس البلاد تشكيل الحكومة من حزب الأغلبية بالبرلمان.
يعد برنامج الحكومة المُشكلة فى مقدمة معايير الحكم على هذه الحكومة، وعليه إما قبولها أو إعادة تشكيل غيرها، وربما تغيير الحكومة لا يُفهم فى سياق عجز أو فشل، بل على العكس قد يأتى فى سياقات تجديد الدماء أو الاستفادة من الخبرات والكفاءات المتنوعة، سيما إن كانت الحكومة المشكلة هى حكومة كفاءات، أو تكنوقراط أى من النخبة الفنية والمتخصصة.
ولعل مدى جاهزية هذه الحكومة للتعاطى مع الإشكاليات والأزمات المعاصرة، وفى ظل التحديات الداخلية، أيضا المتغيرات على المستويين الإقليمى والدولى، يتوقف على مرتكزات هذا البرنامج ومحاوره، أيضا قابليته للتنفيذ والتوقيت، والأهم آليات تطبيق هذا البرنامج، فيتحتم مراعاته أولا لأولويات المواطن والمواطنة وبما يخدم على صلب احتياجاتهما، وكيفية خلق حالة من الرضا لديهما، ما يكسب هذه الحكومة نوعا خاصا من المشروعية، كونها تشترك مع رئيس البلاد فى وضع السياسات العامة وصياغاتها، أيضا تماشيها بل ومواكبتها لخطط التنمية المستهدفة والمستدامة، مع وجوب التركيز على قطاعات بعينها وفى المقدمة القطاعات الخدمية: الصحة، التعليم، وغيرهما من قطاعات ذات الصلة المباشرة باحتياجات المواطن والمواطنة اليومية، بل تخدّم عليهما.
غير أن التنسيق ما بين الأجهزة التنفيذية ممثلة فى الحكومة أو مجلس الوزراء ووزاراته المعنية، سواء المجموعة الاقتصادية أو وزارتى التخطيط والتضامن، والأجهزة التشريعية والممثلة فى البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ، وأيضا مراكز الأبحاث والدراسات، يشكل جوهر هذه السياسات والمفترض اتباعها من أجل التناول والتعاطى مع الأزمات العالقة، أضف أيضا إنشاء اللجان وغرف عمليات من أجل تطبيق الخطط الاستراتيجية سواء طويلة الأجل أو على المدى القصير، ومتابعة مدى تنفيذها وإعمال قراراتها وتوصياتها، وإن كانت هذه تمثل سياسات عامة فإن ثمة سياسات أو إجراءات سريعة ومفصلية وجب التطرق لها وإعمالها، وفى ظل الضغوطات المعيشية المعاصرة، أبرزها إحداث التوازن المستمر ما بين آليات السوق ليس فقط على مستوى السلع لكن أيضا الخدمات، مع التركيز على آليات تطبيق وتنفيذ توصيات الأجهزة المراقبة والمتابعة لحركة السوق عبر اللجان المُشكلة، والأهم سن التشريعات الكفيلة بتيسير تطبيق السياسات الحكومية سواء العامة أو الإجرائية السريعة، وعليه تبرز عدة أسس وجب على هذه الأجهزة التحرك فى سياقاتها، أهمها وضوح وشفافية الخطة الاستراتيجية، مع توافر بنية تشريعية تتحرك فى إطارها البنية السياسية، إلا أن رقمنة هذه الأجهزة وبما يضمن تطوير أساليبها وآلياتها، من شأنه ضمان جاهزيتها وفعاليتها.
ولا بد أيضا لهذه الحكومة أن تتحرك بما يتوافق مع أحكام الدستور، من حيث تنظيمها وتشكيلها وآليات عملها؛ وبموجب الدستور، فإن الحكومة هى الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، وتتكون من رئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، ونوابهم، ويتولى رئيس مجلس الوزراء رئاسة الحكومة، ويشرف على أعمالها، ويوجهها فى أداء اختصاصاتها.
يشترط فيمن يعين رئيسًا لمجلس الوزراء أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يحمل هو أو زوجه جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها قانونا، وألا يقل عمره عن خمس وثلاثين سنة ميلادية فى تاريخ التكليف.
يصدر رئيس مجلس الوزراء اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل أو تعديل أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها، إلا إذا حدد القانون من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذه.
يصدر رئيس مجلس الوزراء القرارات اللازمة لإنشاء المرافق والمصالح العامة وتنظيمها، بعد موافقة مجلس الوزراء. كما يصدر رئيس مجلس الوزراء لوائح الضبط بعد موافقة مجلس الوزراء. يحدد الدستور أيضا مهام واختصاصات هذه الحكومة، وللحكومة الحق فى ممارسة الاختصاصات الآتية:
الاشتراك مع رئيس الجمهورية فى وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها، المحافظة على أمن الوطن وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة، توجيه أعمال الوزارات والجهات والهيئات العامة التابعة لها والتنسيق بينها ومتابعتها، إعداد مشروعات القوانين والقرارات، إصدار القرارات الإدارية وفقًا للقانون ومتابعة تنفيذها، إعداد مشروع الخطة العامة للدولة، إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة، وعقد القروض ومنحها وفقًا لأحكام الدستور.