تناولنا الأسبوع الماضى أمر الخطر الذى يهدد أطفالنا بعودة مرض شلل الأطفال بعد أن ظهر الفيروس الضارى فى عينات من مياه الصرف الصحى فى دار السلام وعزبة الهجانة.
رغم أنه لم يتم رصد أو تشخيص حالات أصابتها العدوى. إلا أن المرض جد خطير، خاصة أن مواصفات الفيروس تتطابق وذلك الذى يتوطن باكستان. كانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت عام 2006 أن مصر خالية تماما من الفيروس، لكنها أعلنت أيضا أن العالم بأسره غدا خاليا من أثر ذلك المرض الشرس الذى يستهدف المخ والحبل الشوكى إلا ثلاثة بلاد مازال يتوطنها: باكستان وأفغانستان ونيجيريا. ثلاثة بلاد إسلامية تحرم على أطفالها تناول اللقاح الواقى وتنعته باللقاح الصليبى الذى يعقم أبناء وبنات المسلمين. يقاوم اللقاح حركة طالبان فى أفغانستان والباكستان ويحرمه مجاهدو بوكوحرام فى نيجيريا.
كان الأمر بلاشك مستفزا حتى أننا علقنا عليه أكثر من مرة خاصة حينما نشرت النيويورك تايمز فى عددها الصادر 24 ديسمبر 2012 عن اغتيال تسعة أفراد من فريق يقوم بتطعيم الأطفال ضد شلل الأطفال منهم سبع سيدات.
ظل السؤال معلقا فوق رأسى بلا جواب منطقى بل ظل يؤرقنى ان العالم يرى العنف والجهل والإرهاب والدم معانى فى قاموس إسلامى. لماذا يغتال المسلمون من يدفعون خطر شلل الأطفال عن أبنائهم؟
فقط أمس جاءنى الجواب بلا جهد بذلته إلا أننى ذهبت لمشاهدة فيلم أمريكى أثار لغطا عند عرضه وان لقى اقبالا هائلا من المشاهدين. الفيلم الذى تحكى وقائعه قصة مطاردة أسامة بن لادن حتى الإيقاع به فى منزله وقتله أمام أطفاله وأهل بيته ودفنه فى البحر حيث لا فرار ولا مستقر،
حكت مخرجة الفيلم كاثرين بيجلو Kathryn Bigelow بالتفصيل فى فيلمها الأخير Zera Dark thirty وقائع ما جرى وكيف سلكت المخابرات الأمريكية كل الطرق المشروعة وغير المشروعة من تجسس وتعقب ومتابعة وتعذيب لأبرياء لمجرد أن شكت فى علاقات واهية وهمية تربطهم بأسامة بن لادن والقاعدة.
لم أصدق عينى وأنا أتابع مشهد انغرس فيها كالسكين الماضى من مشاهد الفيلم: فى النهاية حصرت المخابرات المركزية اهتمامها فى أحد المنازل كان بالفعل المنزل الذى يعيش فيه بن لادن فى ضاحية هادئة. نقبوا حول المنزل وفى مواسير الصرف وصناديق القمامة، وراقبوا بصورة مستمرة مستخدمين أحدث التقنيات أهل البيت وهم داخله: الرجال والنساء والأطفال. كانوا يبحثون عن عينة تقودهم إلى التأكد من هوية العائلة التى تسكن هذا البيت وحامضهم النووى دى. ان. ايه. فماذا فعلوا يا سادة: أرسلوا للعائلة طبيبا يحمل لهم تطعيم شلل الأطفال، الهدف المعلن وقاية الأطفال فى حملة قومية لحماية الأطفال من خطر شلل الأطفال، بينما الهدف الحقيقى اختراق حصار السرية التى فرضها سكان البيت على تحركاتهم والأهم انتزاع عينة من الحامض النووى للأطفال عند حقنهما
عدت سريعا لأراجع ما كتبت ومصادرى التى احتفظت بها عن شلل الأطفال فى باكستان فاكتشفت أن المتطوعين التسعة الذين تم اغتيالهم كانوا مواطنين باكستانيين من مجموعة 225.000 شخص عامل فى مجال التطعيم لشلل الأطفال!
الفيلم مازال يعرض بدور العرض.. أدعوكم لمشاهدته، فقد يتفضل أحدكم بالإجابة على السؤال الذى تضاعف تعقيده فزادت حيرتى.