«ترامب».. «بيزنس» السياسة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«ترامب».. «بيزنس» السياسة

نشر فى : السبت 11 فبراير 2017 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأحد 12 فبراير 2017 - 10:01 ص

«ربما حان الوقت لإدارة أمريكا كبيزنس». قال ذلك «دونالد ترامب» قبيل انتخابه، وهذا مفتاح فهم ما يفعله الآن. واختلافه عن معظم الساسة لكونه يضع «البيزنس» فى خدمة السياسة، ومعظمهم يضع السياسة فى خدمة «البيزنس». وحسب ترامب نفسه فإن «إحدى المشكلات الرئيسة اليوم هى أن السياسة خزى، تجعل الناس الجيدين يبتعدون عن العمل فى الحكومة». واتهام ترامب بالجنون غير صحيح، فما يفعله حاليا تطبيق لما أكده طوال معركته الانتخابية، وهو «تجفيف مستنقع واشنطن». ومن أقدر على ذلك من رجل أعمال اشترى ساسة من جميع الأحزاب، بمن فيهم منافسته «هيلارى كلينتون». «أعطهم فلوسا وسيفعلون كل ما تريد».

ترامب يفكر كمقاول. «الصين تحصل على نفطها من ليبيا، ونحن ننفق مليارات ومليارات ومليارات الدولارات لحراسة العالم، لماذا لا شأن للصين بليبيا، فنحن لا نحصل على النفط من ليبيا». وفى السياسة يتّبعُ أسلوب إدارته لـ«البيزنَس»، وفيه «عندما يتحداك أحدهم رد عليه، كُنْ فظا وكُنْ قاسيا». وفى كليهما يفعل ذلك غريزيا، «فالطريقة التى أهرول بها أعمالى تبدو أسهل من الطريقة التى أهرول بها حياتى». وفى برنامجه التلفزيونى الواقعى «المتدرب» يحكم فوريا على قدرات المتقدمين للعمل، «لا جدال، ولا محاججات، أنت مطرود». وهكذا مسلسل الطرد، بدءا من مديرى حملته الانتخابية، وحتى المدعية العامة الأمريكة، وتهديد سفراء أصدروا بيانات ضد قراراته. «على كل المسئولين فى الخارجية الذين لا يتفقون مع الرئيس تَرْك العمل».

ترامب يعى أطواره الغريبة: «أنا أحب خلق تحديات لنفسى. ولعل هذا ليس أمرا حسنا دائما، فهو يجعل الحياة معقدة». ويحلل أيضا كفيلسوف: «أحاول التعلم من الماضى، لكنى أخطط للمستقبل، بالتركيز أساسا على الحاضر».

•••

لن نجد فى السياسة العالمية زعيما مسليا مثل ترامب. فمن لا يضحكه ترامب لن يضحك لشىء، وأولهم الإعلام الأمريكى الكبير، الذى سلبه أعز ما يملك، السبق الصحفى، فاستخدامه «التغريدات» ليس مجرد تجاوز لهم، بل «طلقة الرحمة» على الإعلام الغربى الذى يعانى سكرات الموت منذ ابتكار الإنترنت، ووسائل الإعلام الاجتماعى، وأكذوبة «أسلحة الدمار الشامل». وأستعير منطق ترامب الفكاهى، فأقول: «يقينا، الآن أؤمن بوجود أسلحة الدمار الشامل العراقية، وإلا كيف انتُخبتُ رئيسا»!.

والحملة ضد ترامب متعددة الأبعاد ومدوخة، وإذا كان من مردود لدوختى بين المصادر العربية والإنجليزية والروسية، فهو التفكير متعدد الأبعاد. وفى تعليق لى نشرته «نيويورك تايمز» على مقال طبيبة أسترالية تنعى فقدان «فكرة أمريكا» عقب انتخاب ترامب: «دكتورة ليزا براير، هل تنعين فكرة قتل ثلاثة ملايين فلاح فيتنامى لا لشىء، ودون الحصول بالمقابل إلا على قتل مئات الآلاف من الشباب الأمريكين الأبرياء، أم تنعين فكرة قتل مليون من مواطنى بلدى العراقيين، وإطلاق مذبحة لا تنتهى، ومقابل ذلك خسارة تريليونات الدولارات.. أدعو الله أن يغفر لك».

ترامب يقول: «إنه لأمرٌ جيدٌ دائما أن يُقللَ من قيمتك». والتقليل من قيمة ترامب مفتاح انتصاره فى انتخابات الرئاسة، وعدم تقليلنا من قيمته، أنا وزميلى «بوتين» فى جامعة «بطرسبرج»، جعلنا الوحيدين خارج أمريكا نتوقع فوزه. وعندما أتّبع نصيحته: «مادمت تُفَكِرْ ففَكِرْ بشكل كبير»، أتوقع ما قد يتوقعه بوتين أيضا، وهو أن تكون الصين هدف أول زيارة له إلى الخارج. وفيما يلى التغريدة التى سيبعثها من بكين: «عقدتُ مع الرئيس الصينى أعظم صفقة فى التاريخ، نعم أعظم صفقة تبلغ تريليون دولار لتصدير ملايين السيارات وأنظمة الكومبيوتر الأمريكية إلى الصين»!.

محمد عارف

الاتحاد ــ الإمارات

 

التعليقات