«الشعب يريد 1200 جنيه حدا أدنى للأجور» كان هذ الشعار جزءا من معالم ميدان التحرير طوال أيام الثورة، قبل التنحى وبعد التنحى وفى الجمع التالية بمختلف مسمياتها، لم يكن الرقم غريبا أو جديدا علينا فقد طالب به الشعب بمختلف فئاته قبيل اندلاع الثورة خاصة بعد الحكم التاريخى، الذى أصدره القضاء المصرى بإلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور.
ثم كانت المفاجأة بعد طول انتظار حكومة الثورة، التى حصل رئيسها على شرعيته من ميدان التحرير استجابت لمطلب الـ1200 جنيه، ولكن بعد 5 سنوات على أن يكون الحد الأدنى للأجر الذى حملته أول موازنة للدولة فى ظل الثورة 700 جنيه، وهو ما أصاب الشعب بخيبة أمل كبيرة فى حكومة الثورة، التى أطاحت بأحلامه فى الحصول على بعض حقوقه التى طال انتظارها.
ورغم أن مبلغ الـ700 جنيه قد لا تكفى نفقات الغذاء المتواضع لأسرة مكونة من 4 أفراد فإن القطاع الخاص بدأ مبكرا فى التحايل على هذا الأجر فسمعنا أقطابه يطالبون بضرورة أن يشمل هذا الأجر بدل الانتقالات والمنح والمكافآت والأرباح إن وجدت أى أن الأمر لن يفرق كثيرا مع العمال أو أصحاب الأعمال، وفى مقابل ذلك طالب القطاع الخاص بخفض التأمينات على العمال من 40% إلى 15% بما فيها نسبة العامل كما طالب بربط الأجر بضرورة العمل 8 ساعات لمدة 6 أيام فى الأسبوع وفضلا عن ذلك طالب أحد أقطاب هذا القطاع بتأجيل تطبيق هذا الحد الأدنى ــ رغم تواضعه ــ إلى مطلع العام المقبل.
المفارقة فى الأمر أن موازنة الثورة كانت أحن على الأغنياء من الفقراء، الذين كانوا وقود الثورة، فعلى استحياء شديد قررت الحكومة فرض ضريبة تصاعدية لم تزد على 5% على الدخول، التى تزيد على 10 ملايين جنيه، وكان هناك من داخل صفوف القطاع الخاص من يطلب رفعها إلى 10% وفقا لما قاله جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات، كما أن الحكومة تراجعت عن ضريبة الأرباح الرأسمالية على أرباح البورصة والمطبقة فى الكثير من الدول النامية تحت ضغوط الكبار، الذين تعودوا كسب الملايين من الهواء دون أن يدفعوا ولو نسبة ضيئلة لقاء ما كسبوا، كما حافظت الموازنة على دعم صادرات الكبار بما يوازى 35% من تكاليف تطبيق الحد الأدنى للأجر «2.5 مليار جنيه» وكان هناك من يطالب بإلغاء هذا الدعم لبعض الوقت للتخفيف من عجز الموازنة.
لقد وعدت الحكومة بمناقشة الموازنة مع شباب الثورة والمجتمع المدنى، وهذا هو الأمل الأخير لمن حلموا بالعدالة الاجتماعية بعد الثورة.