نعيد اليوم سؤالا له أهمية بما يتعلق بالأمن القومى سبق وسألناه يوما فى صفحتنا ماذا يأكل الناس فى زمن الخوف؟ سلامة وأمن طعامنا اصبح أيضا أحد الهموم التى تخفينا وتهددنا كما لو كنا بحاجة لمزيد من المخاوف!
اعلنت أخيرا وكالة سلامة الطعام الأوروبية أن بكتيريا الاى كولاى التى هاجمت أكثر من اربعة آلاف انسان فى ألمانيا وبعض دول أوروبا وحصدت إلى الآن أرواح خمسين منهم فى المانيا وحدها واصابت ما يقارب الألف بمضاعفات خطيرة أهمها الفشل الكلوى وبدأت زحفها فى اتجاه الولايات المتحدة وكندا، إن مصدرها بذور نبات الحلبة التى استوردتها شركة المانية من مصر عامى 2009 و2010 واستنبتتها فى مزرعة خاصة وباعتها لتؤكل كأحد المنتجات النباتية التى يقبل عليها العالم نظرا لتميز مذاقها وفائدتها الغذائية.
لم تكن الحلبة المصرية المتهم الاول فقد سبقها الخيار الاسبانى وبذور خضراوات بريطانية إلى قفص الاتهام ومازالت الاتهامات موزعة والتحريات فى كل الاتجاهات لمعرفة الحقيقة وراء بداية الخيط.
قد يكون الاتهام غير حقيقى وربما كما يعتقد وزير الزراعة فى تصريحاته لـ«الشروق» انها مؤامرة اسرائيلية لضرب صادراتنا ولكن هل هذا ينفى أننا نروى زراعة الخضر بمياه الصرف الصحى والمجارى؟
هل يمكننا أن ننفى بقوة وثقة أن هناك بالفعل حالات قد هلكت دون ان نعلم أو نسجل السبب الحقيقى لهلاكنا وأن هذا يمكن أن يكون بسبب تلك البكتيريا القاتلة التى يمكن رصدها فى محال الوجبات السريعة مثل الهامبورجر الذى يعتمد على اللحم المفروم أيا كان مصدره والذى قد لا يتعرض للطهى بشكل جيد ودرجة حرارة كافية لقتل البكتيريا الشرسة. الأمر بالطبع ينسحب على ما يقدمه بائعو الكفتة سواء على عربات متنقلة أو فى المطاعم.
لنقل بالفعل لدينا قوانين تتيح تجريم تلك الممارسات غير الصحيحة والتى تستهدف ارواحنا بصورة مباشرة؟ هل فى غياب معايير سلامة الغذاء يمكننا إلا ان نخاف؟ هل يمكننا الا ان نقبل الاتهامات صاغرين؟ سلامة غذائنا يجب أن تأتى على رأس قائمة مطالبنا الحقيقية فهو مطلب لا يختلف عليه احد ولا يثير خلافا عقائديا إنما هو مطلب إنسانى وطنى إذا أردنا أن ننهى زمن الخوف.