اليسار الصوفى - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

اليسار الصوفى

نشر فى : الخميس 11 أغسطس 2011 - 8:32 ص | آخر تحديث : الخميس 11 أغسطس 2011 - 8:32 ص

 هل يمكن اعتبار استدعاء «الطرق الصوفية» إلى المسرح السياسى العام بما يخالف طبيعتها وأدبياتها، استدعاء جديدا للدين فى السياسة تمارسه هذه المرة القوى «المدنية والليبرالية» التى بنت خطابها على مناوأة هذه الممارسة تحديدا؟

لا يمكن قطعا أن تبقى هذه القوى تدعو لحالة مدنية كاملة لا حاكمية فيها للدين، دون إخلال بوضعه المرتكز فى النسيج الاجتماعى والأخلاقى، وبمبادئه العامة التى تؤطر القانون والتشريع، ثم تستدعى هى نفسها قوى «دينية» مسكوت عنها، لمجرد أن تستمر فى مناكفة تيارات الإسلام السياسى التقليدية والمستجدة.

ما هو الفارق إذن بين تيارات مدنية تتحالف مع الصوفيين، وبين تحالف أحزاب ليبرالية مع الإخوان، ولماذا هاجمت هذه التيارات تحالف «الوفد الإخوان» بهذا العنف، إذا كانت هى نفسها تتحالف مع «مكون دينى» آخر يجرى إقحامه فى السياسة؟

أهو اعتراف إذن من هذه القوى بأن أى تحالف أو تحرك سياسى لن يستقيم بعد اليوم إلا بوجود مكون دينى فى داخله يمثل عمودا فقريا لهذا التحالف، وربما عباءة شاملة تنزوى أسفلها التيارات الأخرى التى ترفض إقحام الحالة الدينية فى معارك سياسية وممارسات انتخابية قائمة على كثير من المواءمات وكثير أيضا من الادعاء؟

الظاهر أنه تحالف لا يعبر عن رؤية ممسوكة، بقدر ما يعبر عن حالة «برجماتية» ترغب فى تحقيق حشد ومباهاة عددية، وتسعى لاستخدام الحشد الصوفى فى مواجهة الحشد السلفى، دون عقل، بما يمثل اعترافا واضحا من هذه القوى بعجزها عن الحشد دون عنصر دينى، حتى لو كان الصوفية بكل تراثهم السلبى سياسيا.

مازالت القوى المدنية والليبرالية تتخبط وتتحرك فى إطار رد الفعل وفقط، لا تتنافس على قطاع عريض من المتصوفة لضمهم تحت العباءات المدنية المتعددة كأفراد، لكنها تنسج التحالف مع التيار ككتلة واحدة للاستفادة من انتشاره وعدده وكتلته التصويتية، تتعامل مع الطرق الصوفية وكأنها أحزاب مكتملة بنفسها، فتطلق «عفريتا دينيا جديدا» يوسع من رقعة الاستخدام السياسى للدين ويزيد مساحة «الإسلام السياسى» عموما، وهذه المرة بدعم قوى مدنية صرفة.

لا تركز القوى المدنية والليبرالية على إنتاج مشروع نهضوى حقيقى لا يستعدى الدين، ويحتفظ به كانعكاس أخلاقى على المجتمع، ويجنب الوطن خطر السجال السياسى المستند إلى نصوص دينية، لكن عين هذه القوى فقط متجهة إلى نجاح الحشد غدا الجمعة، وهو نجاح حتى لو نجح لن ينسب لها على أى حال، وستصبح جمعة غد هى الجمعة الصوفية، كما كانت سابقتها هى جمعة السلفيين، وستتلخص المعركة لدى الرأى العام البسيط وكأنها تنافس بين فصائل دينية وفقط، «يمين سلفى متشدد ووسط إخوانى معتدل ويسار صوفى أكثر مرونة»، دون حضور لأية قوى مدنية فى الخريطة الذهنية للمواطن البسيط.

وسعت التيارات الليبرالية رقعة الإسلام السياسى فى مصر بـ«مارد صوفى» تعتقد أنها قادرة على احتوائه بعد أن يأكل الإسلاميون التقليديون فى الشارع، وفى هذا مزيد من المقامرة بالوطن!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات