●● انتقدنا مانويل فى مرات كثيرة، بسبب عصبيته أحيانا، وبسبب هجومه على الصحافة المصرية بالتعميم، وكان عليه حين شن هجومه أن يوجهه إلى من يفبركون الأخبار عنه، وإلى من يقتحمون حياته الخاصة. وفى جميع الأحوال من حقنا أن نختلف معه، إلا أن ذلك الاختلاف لم يفرز، ولا يجب أن يفرز موقفا شخصيا مع المدرب، فما يربطنا فى النهاية هو تلك العلاقة الفنية.
●●لا شك أن جوزيه نجح فى الأهلى، ويمكن أن ينجح مرة أخرى.. وهو الآن يخوض تحديا صعبا.. وأعتقد أنه لم يعد بالفوز ببطولة، لكنه وعد ببناء فريق.. هذا هو التحدى الصعب بالفعل.. إلا أن شخصية جوزيه الكاريزمية دفعتنى كثيرا إلى محاولة التعرف على بعض الجوانب الإنسانية الخفية فيه.. خاصة أنه صاحب تعبيرات فيها فلسفة ورؤية، ومنها ما قاله بعد وفاة نجم الأهلى الشاب محمد عبدالوهاب: «هناك رجال يولدون بعد موتهم».. وتلك الجملة البليغة حقيقية، وربما تسرى على أدباء وعلماء وفلاسفة.. لكنه حرص على استخدامها لما شاب رحيل عبدالوهاب من حزن عميق وألم شديد.. وجوزيه شأن العديد من الأجانب أصحاب الثقافات والمفردات الخاصة بهم. فهو الذى قال يوما وهو ينتقد قرارات اتحاد الكرة البطيئة: «إنها تتهادى مثل مركب شراعى فى النيل».. لم أفاجأ بالجانب الفلسفى والثقافى فى مانويل جوزيه أثناء حواره مع أحمد شوبير، ولم أفاجأ لاستخدامه كثيرا لكلمة الاحترام، فهو صاحب كلمة مهما كلفه الأمر، ومادام قد وعد فإنه يفى بوعده.. ولم أفاجأ بدموعه التى أمسكها فى عينيه تأثرا بالاتصالات الهاتفية من الحضرى ومن شادى.. وكذلك اعتذاره لإسلام الشاطر بدعوته مع زوجته على العشاء.. فهو يحرص على فعل الخير، وله مواقفه الخيرية التى لا يعلنها مع مستشفى سرطان الأطفال، وسوف يضايقه أن يقرأ ذلك.. لكن فى النهاية أصابت المفاجأة البعض لأن شخصية جوزيه الظاهرة لا توحى بهذا الجانب العاطفى الذى يسجنه داخله.
●● قرأت يوما شرحا لمعنى الشخصية الكاريزيمة، على لسان الدكتور محمد مهدى أستاذ علم النفس فى جامعة الأزهر.. وكان: «إن لها مواصفات خاصة وظروف خاصة، فتلك الشخصيات مرت فى حياتها بظروف صعبة، منحتها الالتحام بالناس، والإمساك بالرموز غير المنطوقة، وهو ما يجعل الناس تتجاوب معهم وتتعلق بهم. ويكون لهذه الشخصيات سحر اجتماعى وتواصل سرى خفى مع الجماهير»، «والشخصية الكاريزمية، يضيف الدكتور محمد مهدى»: تتمتع بالذكاء العاطفى، وهو ما يمكنها من نقل مشاعرها للناس، وكذلك استقبالها منهم بسهولة، ودائما ما تمتلك تلك الشخصيات حماسا مشتعلا وأملا ومثابرة ومهارات اجتماعية مهمة».
●● تلك الشخصية الكاريزمية ولدت بين جوزيه وبين جماهير الأهلى علاقة حب جارفة، بدت كما لو كانت بين شعب وبين زعيمه أو بين بطل وبين مريديه. أو بين شيخ وبين دراويشه..أو بين قيصر روسيا وبين بلاط القيصر.
●● جوزيه الآن يبدو مثل القيصر فى بلاطه.