مانشينى رجل النهضة الإيطالية - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 8:30 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مانشينى رجل النهضة الإيطالية

نشر فى : السبت 12 يونيو 2021 - 7:45 م | آخر تحديث : السبت 12 يونيو 2021 - 7:45 م

**ما زال بعض الخبراء والمحللين يتعاملون مع كرة القدم أحيانا على أنها معادلة حسابية، لكن فى عام 1984، وفى عز انتصار فرنسا بإحرازها لقب كأس الأمم الأوروبية، قال ميشيل هيدالجو مدرب المنتخب فى ذاك الوقت: «الوسط هو صرخة الكرة الحديثة.. لكن لاحظوا أن 5+5 = 9 أحيانا».
وكان هيدالجو يعنى أنه فى طريقة 5ــ3ــ2 يدافع الفريق بخمسة لاعبين، ويهاجم بخمسة لاعبين، ولو عجز لاعب واحد عن أداء مهام مركزه وواجباته، فإن حاصل جمع 5+ 5= 9
** المسألة هى الملعب. هى تلك المطاردة البشرية للكرة، وتلك الفوضى المنظمة التى لا يرسمها أحد بقدر ما ترسمها تلك البالونة المستديرة، وأقدام اللاعبين وقراراتهم ومهاراتهم. فالانتصار يتحقق بمزيج من التنظيم الدفاعى وعدم المجازفة والكرات الطويلة والأداء البدنى الهائل والضغط العالى أحيانا، والضغط الحتمى فى ملعبك، والقوة فى الاستخلاص، وتتغيير الإيقاع والسيطرة عليه، وفرضه، وبعض اللمحات من الحظ فى اللحظات الحاسمة.
** قبل انطلاق كأس الأمم الأوروبية، جاء فى تقرير عن البطولة أن الأساليب الدفاعية هزمت التيكى تاكا الإسبانية، بطلة 2008 و2012 وكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. فى إشارة إلى سقوط منتخب إسبانيا فى بطولة 2016. إلا أن الدفاع التركى الخالص لم يصمد أمام سرعات ورشاقة ومهارات لاعبى إيطاليا. وصحيح أن الدفاع يمكن أن يكون حلا لقلة الحيلة الهجومية، لكنه ليس حلا مطلقا.
** كان منتخب إيطاليا فى الشوط الأول يساريا، يهاجم من جبهة سبينازولا وكيلينى الذى يبدأ كل هجمة ولو بتمريرة قصيرة. ويطير سبينازولا فى الجناح ليتحول تكوين إيطاليا إلى 3/4/3. وفى بداية الشوط الثانى كان الأتزورى يمينيا متطرفا، أو يمينيا خالصا قبل أن يعود إلى اليسار، وهو ما جعل الملعب واسعا وعريضا أمام الدفاع التركى.
** ينسب إلى المدرب مانشينى أنه صاحب النهضة الجديدة فى الكرة الإيطالية، إلا أن تلك البطولة سوف تكون اختبارا حقيقيا للدور الذى لعبه مانشينى، والذى وصفته الصحف الإنجليزية بأنه «فيثاغورس» صاحب النظرية الحسابية الشهيرة
والذى سافر كثيرا فى 530 قبل الميلاد لتعليم نظريته. فقد تولى مانشينى المسئولية بعد فترة وجيزة من فشل جيان بييرو فينتورا فى التأهل لكأس العالم 2018 وتحت قيادته، وقبل الفوز على تركيا، فاز منتخب إيطاليا فى 21 مباراة من أصل 30 خلال فترة ولايته، بما فى ذلك 10 انتصارات فى 10 مباريات تصفيات المجموعة. علاوة على ذلك، مددت إيطاليا مسيرتها الخالية من الهزائم إلى 29، متأخرة بمباراة عن الرقم القياسى الشهير الذى سجله فيتوريو بوزو فى الثلاثينيات.
** صنع مانشينى فريقا من اللاعبين الشباب وبعض الخبرة. مثل قائد المنتخب كيلينى، وليوناردو بونوتشى لاعب يوفنتوس وماركو فيراتى لاعب باريس سان جيرمان الفرنسى، إلا أن بطل الفريق هو الأداء الجماعى، وسرعة التحرك والتمرير المباشر. وربما لم يلتفت المدرب التركى شينول جونيش إلى الدور الذى يلعبه كيلينى وكان ذلك غريبا للغاية..!
** روبرتو مانشينى يوصف أيضا بأنه رجلان فى رجل واحد. كلاعب، كان موهوبًا بشكل لا يصدق ولكنه معروف بشخصيته المعقدة، وغالبًا ما يرفض التنازل عن الفوز، ويكون عصبيا إذا لم يحققه. وفى شخصيته هدوء وعنف، ويقول: «لقد تقدمت فى السن».
وشغف وهواية مانشينى الأولى خارج كرة القدم الآن هى لعبة «الباديل»، وهى رياضة شعبية فى إيطاليا، وأصبحت منتشرة فى العديد من دول العالم ومنها مصر ** وفى النهاية يطرح السؤال القديم جدا نفسه: «من يصنع الآخر؟ المدرب الجيد يصنع فريقا جيدا أم الفريق الجيد يصنع مدربا جيدا؟!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.