يبدو أن الأمر الأهم، بالنسبة إلى كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية، فى كل ما يتعلق بزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لواشنطن هذا الأسبوع كان التأكد مما إذا كانت المعلومات التى نقلها إليهم وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك، والتى تضمنت وجود خطة سياسية متدرجة بالنسبة للفلسطينيين، وإمكان فتح مسار مفاوضات مع السوريين، هل هى معلومات تعكس مواقف يتبناها نتنياهو، أم أنها من بنات أفكار باراك.
وقد نجم ذلك، أساسا عن شعور بعض كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية بأن ما قام به نتنياهو حتى الآن هو مجرد مناورات تهدف إلى صرف الأنظار عن الجوهر المطلوب للمفاوضات (مع الفلسطينيين) والبرهان على ذلك كامن فى عدم نجاح المفاوضات غير المباشرة وعدم قدرة المبعوث الأمريكى الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل على إطلاق مفاوضات جوهرية بين الجانبين وعلى ما يبدو، فإن الأمريكيين أدركوا أيضا أنه حتى فى حال وجود موقف إيجابى من المفاوضات لدى نتنياهو فإن هذا الأخير لا يستطيع التعبيير عنه على رءوس الأشهاد لأن ذلك سيعنى انهيار ائتلاف الحكومة وبناء على ذلك، فإن الاستنتاج الذى توصلوا إليه هو أنه لا يمكن التقدم إلى الأمام مع ائتلاف حكومى إسرائيلى كهذا.
إن ما يجب قوله الآن فى إثر اللقاء الذى عقده نتنياهو مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، هو أن أى عناق حار أو تفاهم بين الزعيمين مرهونان بثمن معين والولايات المتحدة هى التى صكت عبارة «لا توجد وجبات مجانية» وبعد بضعة أيام سيصل إلى هنا المبعوث الأمريكى الخاص الى الشرق الأوسط جورج ميتشل وبعد نحو أسبوعين سيسافر إيهود باراك إلى واشنطن، وعلى ما يبدو فإن زيارته هذه تهدف اساسا إلى ترجمة «المحادثات الممتازة» بين نتنياهو وأوباما إلى خطوات ملموسة ميدانيا، وعندها ربما سيتبين ما الذى وعد رئيس الحكومة به، وجعل الرئيس الأمريكى يعلن أن نتنياهو يرغب فى السلام.
فى المحصلة العامة، فإن الاختبار الحقيقى لنتائج لقاء نتنياهو ــ أوباما سيبدأ فى الخريف المقبل، أو كحد أقصى فى الشتاء المقبل، لأن إسرائيل ستكون حينئذ مضطرة إلى التعامل مع مبادرة سياسية أمريكية تلزمها أن تحسم قرارها النهائى.
وعلى ما يبدو فإن نتنياهو نفسه سيكون مضطرا إلى دفع ثمن وجبة اللقاء الحميم والودى الذى عقده هذا الأسبوع مع الرئيس الأمريكى وربما يكون هذا أغلى ثمن يدفعه فى مقابل الوجبات التى أكلها فى حياته كلها.