عالم ما بعد الجائحة هو عالم واسع الاعتماد على الحكومة - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 7:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عالم ما بعد الجائحة هو عالم واسع الاعتماد على الحكومة

نشر فى : الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 - 9:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 - 9:40 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب بير بيلند، يقول فيه إن فيروس كورونا لم يتسبب فى خسائر بشرية فحسب بل تسبب فى أضرار فادحة بالنظام الاقتصادى، كانت النتيجة هى زيادة اعتماد الأفراد على الدولة، وسياسيا هذا هو الطريق نحو النظام الشمولى... نعرض منه ما يلى:
الدولة تسعى للسلطة، وما يمنحها السلطة هو خوف وتبعية الرعايا. الدولة تجعل الناس يعتمدون عليها، سواء كوسيلة للسيطرة عليهم أو كنتيجة للعديد من السياسات التى تهدف إلى توفير الإغاثة لهم.
لقد رأينا الكثير من الخوف والاعتماد فى أثناء وباء كورونا. كان الخوف هو الدافع وراء اتخاذ أنواع من السياسات القمعية التى لم تكن ممكنة من قبل. ما كان يعتقد أحد أن دولا بأكملها، دولا أوروبية ديمقراطية، ستغلق الحياة وتعزل الناس فى منازلهم. ولأن الخوف كان يزداد، وافق على الإغلاق العديد من السكان.
من الممكن التراجع عن هذه السياسات. فى الحقيقة، لابد من التراجع عن المزيد منها حتى يعود المجتمع للحياة مرة أخرى. بعبارة أخرى، ليس من الممكن للدولة أن تُبقى الجميع محبوسين فى منازلهم لفترة طويلة. هذا تجاوز ويشير إلى تعدى الدولة حدود سلطتها.
•••
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الجانب الآخر من الإغلاق والأضرار التى لحقت بالنظام الاقتصادى. لم يتم حبس الناس فحسب، بل تم إيقاف المجتمع، وبالتالى، توقف الاقتصاد بأكمله. المشكلة هنا هى أنه لا يوجد «زر إيقاف مؤقت» للاقتصاد. لا يمكن ببساطة إيقاف العمل مؤقتا. لا يمكن أيضا إيقاف سلسلة التوريد مؤقتا. إذا كان شخص يدير عملا تجاريا، فهذا يعنى أنه فى صراع دائم للحصول على المال حتى يتمكن من تغطية التكاليف التى كان يتحملها منذ فترة طويلة.
بعبارة أخرى، إذا توقف نشاط تجارى، فستظل التكاليف موجودة ولكن دون الحصول على أى عائد. لذلك قدمت العديد من البلدان مثل الولايات المتحدة الإغاثة فى شكل قروض للشركات. بالطبع، تأتى مثل هذه المخططات مع المحسوبية والمحاباة. القروض فى كثير من الأحيان لا ينتهى بها المطاف فى أيدى أولئك المقصودين.
وإذا كان من الممكن إيقاف تجارة ما مؤقتا، فإنها تؤثر على تجارة أخرى فى سلسلة التوريد. وكلما طالت فترة الإغلاق، كان من الممكن أن تفشل المزيد من الشركات وتبقى سلاسل التوريد فى حالة من الفوضى. هذه خسارة فادحة. وفى حين أنه يمكن إعادة بناء الاقتصاد، إلا أنه لا يمكن أن يكون ذلك إلا بتكلفة هائلة ولا يزال يتطلب وجود أشخاص لديهم المعرفة والاستعداد لبدء مثل هذه الأعمال التجارية مرة أخرى. فهل يمكننا الاعتماد عليهم فى النهوض والمحاولة مرة أخرى، حتى بعد سحقهم؟
•••
الآثار طويلة المدى لهذا الجنون لم تظهر بعد. حتى لو اختفى الفيروس غدا، فستبقى هذه المشكلات. إنها تستغرق وقتا لحلها وتستغرق الكثير من العمل لإعادة الأشياء مرة أخرى حتى لو كان كل ذلك ممكنا. القضية هنا هى أن هذا سيجعل الوضع سيئا للغاية. وليست هذه هى القضية فحسب، بل هذه المجتمعات والاقتصادات مثقلة بالفعل بأعباء كبيرة ومكلفة للغاية من قبل ظهور الوباء.
عموما، مع كل شخص لم يعد يعمل ويكسب رزقه، وبالتالى لم يعد يساهم فى الاقتصاد، تحدث خسارة فى الإنتاج وزيادة فى العبء. كل شخص يفقد وظيفته ويصبح معتمدا على إعانات البطالة وغيرها من الكفاف، يفقد الاقتصاد الإنتاج ويصبح العبء أثقل. نتيجة لذلك، يصبح الاقتصاد أقل نشاطا وحيوية. هناك ريادة أعمال أقل، وإنتاج أقل، مما يعنى أن هناك فرصا أقل للناس للعثور على وظائف. لقد أصبحوا أكثر اعتمادا على الدولة.
هذا الاعتماد يمثل مشكلة لأسباب عديدة، خاصة عندما يصبح الناس معتمدين على الدولة على المدى الطويل، فحتى يقف الشخص على قدميه، فإن النظام سيفعل ما كانت تفعله القطاعات الخاصة. لكن هذه ليست الطريقة التى تعمل بها هذه الأنظمة.
•••
يفخر السياسيون والسياسيات بوعدهم أن المرء لن يحتاج إلى خفض مستوى معيشته كثيرا عندما يفقد وظيفته. إنها طريقة رائعة للحصول على الأصوات وتجعل من فقد وظيفته يبدو كريما، ولكن من المدمر تماما أن تدفع للناس نفس المبلغ مقابل عدم العمل كما هو الحال عندما يساهمون فى العمل ومن ثم رفاهية المجتمع بشكل عام. عندما يعتمد الناس على هذه الأنظمة فإن ذلك يؤثر على تقديرهم لذاتهم. فكلما طالت مدة بقائهم فى هذه البرامج، قلت فرص امتلاكهم لمهارة أو قيمة، ووسيلة للمساهمة، وقيامهم بشىء لا يزال ذا قيمة. إنهم يفقدون الأمل، ويفقدون الثقة، ويصبحون معتمدين بشكل كامل على الدولة، وليس فقط على الصعيد المالى. عندما يبدأون فى الاعتقاد بأنهم لا يستطيعون كسب لقمة العيش بأنفسهم، وأنهم لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم وعائلاتهم، وعندما يخلصون إلى أنه لا توجد وظائف لأشخاص مثلهم، ما هى النتيجة؟
من المرجح أن يكون الأشخاص فى هذا الوضع الرهيب عدائيين تجاه أولئك الذين لا يمنحونهم فرصة، أى الشركات ورجال الأعمال والسوق. يتزايد عبء الاقتصاد بسرعة، مما يسبب مشاكل أكبر ويعتمد المزيد من الناس على الدولة. أضف إلى هذا الوضع، الذى كان موجودا قبل الوباء، الموت الجماعى للشركات بعد السياسات الكارثية المعتمدة لـ «مكافحة الفيروس».
لذلك، يتنامى الاستياء، ويزداد العبء، ويصبح من الصعب بدء الأعمال وإدارتها. يصبح المزيد من الناس معتمدين على الدولة. هذه وصفة لكارثة لأنها تقودنا إلى مسار واحد فقط «طريق العبودية». وسياسيا، هذا هو الطريق إلى الأنظمة الشمولية.
باختصار، تكتسب الدولة المزيد من السلطة مع تزايد اعتماد الناس عليها. هذه هى الحقيقة المحزنة وهذا ما نراه الآن. أولئك الذين يعتمدون عليها على استعداد لمنح المزيد من المال لإصلاح النظام. لكن المشكلة ليست فى عجز الدولة. الدولة لم يكن لديها مثل هذه القدرة. المشكلة هى قلة السوق، وهذا النقص يزداد كلما نمت الدولة. هذا ما نتعامل معه ولهذا يجب كسر اعتماد الناس على الدولة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات