«داعش» يجرُ الغرب إلى توحُشِه - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«داعش» يجرُ الغرب إلى توحُشِه

نشر فى : السبت 12 ديسمبر 2015 - 10:35 م | آخر تحديث : السبت 12 ديسمبر 2015 - 10:41 م
يُتوقَع أن تصوِت اليوم لجنة الحريات المدنية والعدل والشئون الداخلية، فى البرلمان الأوروبى، على نظام «سجل بيانات الركاب»، تمهيدا لطرحه فى جلسة عامة للبرلمان بداية العام المقبل، قبل نيل الموافقة الرسمية عليه من مجلس وزراء الاتحاد الأوروبى، وصولا إلى البدء بتنفيذه خلال سنتين استنادا إلى التشريعات المحلية لكل دولة عضو فى الاتحاد.
هذا النظام يأتى ضمن مجموعة من الاتفاقات الأمنية التى تتعلق بمكافحة الإرهاب، وكانت محور خلافات بين دول الاتحاد، لكن أحداث باريس سرعت وتيرة العمل لإقرارها. نظام «سجل بيانات الركاب»، المزمع إقراره، يتضمن قاعدة بيانات عن المسافرين على متن الرحلات الجوية مع إمكان الاحتفاظ بها لمدة ستة أشهر، أو تزيد. ولكن على رغم تسريع طرح هذا النظام، مازال يجد اعتراضات من بعض الأعضاء، بخاصة البيانات الشخصية، وحق الأفراد فى عدم إفشائها، مثل البيانات الطبية، وغيرها من التفاصيل الخاصة التى تتيح فرض رقابة لا محدودة على حياة المسافرين.
بعض الحقوقيين الغربيين اعتبر هذا النظام «انتهاكا صارخا للحقوق الأساسية للمواطنين»، وشكك فى تنفيذه، لكن أحدا لم يسأل سابقا عن الانتهاكات الصارخة التى تمارسها السفارات الغربية فى حق العرب الراغبين فى الحصول على تأشيرة «شينجن»، والتى تبدأ من رصيدك فى البنك، وتصل إلى أدق تفاصيل حياتك، واسم أمك وزوجتك، وأولادك، وعملك، والأعمال التى شغلتها، ومعلومات عن رحلاتك السابقة، ودواعيها، ومصادر دخلك، وحجم راتبك، فضلا عن أن السفارة الأمريكية وصلت إلى حد معرفة اسم القبيلة التى تنتمى إليها، واسم الفخذ والبطن، وكشف كل خصوصيات حياتك.. حتى أصبح النجاح فى ملء استمارة التأشيرة أكثر صعوبة من خوض امتحان القبول فى الجامعات ومعاهد اللغة. ورغم ذلك لم يمنع جمع هذه البيانات التى أرهقت الدول والأفراد، على مدى سنوات، وقوع أعمال إرهابية.
لا شك فى أن هذا التمادى فى جمع المعلومات الهائلة عن الأفراد، على رغم عدم فائدتها، وتحويل الشك إلى قانون، سيضاعفان الغضب الذى يشعر به العرب والمسلمون، نتيجة التعامل معهم بمنطق العقاب الجماعى، وهو يبدأ من الإهانة فى المطارات، ولا ينتهى بقصف المدن وقتل الأبرياء، وتشريد شعوب بأكملها.
الأكيد أن تنظيم «داعش» فرض على الدول الأوروبية التصرُف برد الفعل والغضب، والتخلى عن قيمها فى الحرية والعدل وحماية حقوق الإنسان، فضلا عن أن الإصرار على ممارسة العقاب الجماعى للشعوب يعنى أن «داعش» نجح فى جر الغرب إلى توحُشه وظلمه، وعالمه المتخلف. 
الحياة - لندن 
داود الشريان
التعليقات