فقر وجريمة وانعدام الأمن - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 12:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فقر وجريمة وانعدام الأمن

نشر فى : الأربعاء 13 أبريل 2022 - 9:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 13 أبريل 2022 - 9:35 م

حتى قبل أن تندلع الأزمة الأوكرانية، فإن التحذيرات من أزمة غذاء وركود وإفلاسات عالمية لم تتوقف، لكن هذه التحذيرات زادت جدا فى الفترة الأخيرة بعد استمرار ارتفاع أسعار الطاقة بصورة مستمرة، ومعها ارتفاع أسعار الحبوب والمعادن.

آخر تحذير صدر من البنك الدولى على لسان رئيسه الأمريكى ديفيد مالباس، خلال كلمة ألقاها يوم الثلاثاء الماضى فى العاصمة البولندية وارسو، تحت عنوان «معالجة تحديات النمو والأمن والاستقرار».
ما قاله مالباس جرس إنذار ينبغى أن يتنبه إليه الجميع، الحكومات والشعوب حتى يدركوا أى أيام قاتمة سوف تعيشها البشرية!
أخطر ما كشف عنه مالباس أن كل زيادة بنسبة ١٪ فقط فى أسعار الغذاء تضع عشرة ملايين شخص تحت خط الفقر، وبما أن الفقراء موجودون تحت هذا الخط، فإن من سينضمون إليهم هم من الطبقة الوسطى بالأساس، فى حين أن الموجودين فى الطبقات الثرية سوف يهبطون للطبقة الوسطى ربما.

لا يدرك كثيرون الطريقة التى تؤثر بها الأزمة الأوكرانية على إنتاج الغذاء، خصوصا إذا عرفنا أن طرفى الأزمة وهما روسيا وأوكرانيا يلعبان دورا مهما ورئيسيا فى سوق الحبوب العالمية خصوصا القمح والذرة والزيوت.
الطبيعى دائما أن أسواق السلع الغذائية العالمية تحاول التكيف مع الاضطرابات، لكن المشكلة وجود عوامل إضافية تزيد من حدة مشاكل الإمدادات العالمية.
هناك حرب فى مناطق إنتاج الحبوب، وفى الموانئ التى تشحن منها للعالم، وكذلك فى أسعار نقلها وأسعار التأمين والتحوط عليها.

ثم هناك مشكلة ضخمة اسمها الأسمدة والبلدان روسيا وأوكرانيا من الدول الأساسية المصدِّرة لها.. والأسمدة تعتمد على الغاز الطبيعى المسال، وهذا الغاز الذى تم توجيه جزء كبير منه إلى أوروبا لتعويض الغاز الروسى، تسبب فى نقص له فى أماكن أخرى، مما قلل من إنتاج الأسمدة وعطل موسم البذور وإنتاجية الحصاد، ليس فقط فى أوكرانيا ولكن فى أماكن أخرى من العالم.

تقرير البنك الدولى يقول إنه منذ تفشى وباء كورونا يعانى العالم أجمع من نكسات صحية واقتصادية واجتماعية خصوصا فى ظل الإغلاقات التى شهدها العديد من بلادن العالم، وبالتالى تشردت الكثير من الأسر. وبالتالى تعطلت عملية التنمية وتراجعت فى بلدان كثيرة، وهكذا فإن العديد من الأسر دخلت فى منطقة الفقر، وتغيب الأطفال عن المدارس، ثم جاءت أزمة أوكرانيا لتضيف أبعادا كثيرة لتداعيات كورونا.
لكن التحذير المهم الذى ورد فى تقرير البنك الدولى ويتعلق بعلاقة أزمتى كورونا وأوكرانيا هو عامل الأمن، الذى عجل بحدوث أزمات أمنية وسياسية واقتصادية شاملة فى العديد من بلدان العالم خصوصا موجة الانقلابات والاضطرابات فى مناطق كثيرة خصوصا فى إفريقيا.

ويتحدث التقرير عن ارتفاع معدلات الجريمة والعنف فى أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبى، حيث تسيطر العصابات الإجرامية وعصابات المخدرات على بعض المناطق الحضرية والريفية.
يقول التقرير إنه فى الوقت الراهن يعيش فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحد من كل خمسة أشخاص فى منطقة متأثرة بالصراع، وهذا التدهور الأمنى أدى لارتفاع عدد اللاجئين لأكثر من الضعف فى العقد الماضى ليزيد على ٣٠ مليون لاجئ عام ٢٠٢٠، فى حين أن الحرب الأوكرانية تسببت فى نزوح عشرة ملايين شخص إضافى، ولجوء أربعة ملايين لدول مجاورة لأوكرانيا.

هذا هو كلام البنك الدولى الذى يقول بوضوح إن العالم لم يشهد أزمة ركود مماثلة مثلما يحدث فى الوقت الحالى، وبالتالى تسببت فى فقدان رأس المال والوظائف وسبل العيش.
السؤال: ما هى الدول الأكثر تأثرا بهذه الأزمة المركبة، وما هى علاقة الديون وزيادتها بهذه الأزمة التى يرى الكثير من الخبراء أنها غير مسبوقة؟!
الموضوع متشعب وسوف يؤثر على دول كثيرة، ونتمنى أن نعبره نحن والأشقاء العرب بأقل الأضرار الممكنة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي