التطلع الهندى لقيادة الكومنولث - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 7:49 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التطلع الهندى لقيادة الكومنولث

نشر فى : الأحد 13 مايو 2018 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 13 مايو 2018 - 9:30 م

نشر موقع Eurasia review مقالا للكاتب «شاسترى راماشاندران» عن التطلع الهندى لقيادة رابطة الكومنولث، والتى تضم حوالى 53 دولة ممن خضعوا لحكم الإمبراطورية البريطانية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وتطرق الكاتب إلى منافسة الهند بريطانيا لقيادة الكومنولث، فكل من الدولتين تحاولان إعادة إحياء هذه الرابطة ككيان مؤثر اقتصاديا وسياسيا، فلو افترضنا أن بريطانيا على استعداد لإفساح المجال للريادة الهندية إلا أن دول الأعضاء لن تسمح بذلك.
بداية أشار الكاتب إلى أنه منذ اجتماع رؤساء حكومات دول الكومنولث ــ الذى انعقد فى الفترة من 16 إلى 20 أبريل فى لندن ــ تتحدث المؤسسات المهتمة عن كيفية إعادة إحياء الكومنولث ككيان مؤثر تجاريا وفى السياسة الخارجية، فبالنسبة للهند يتطلع رئيس الوزراء «نارندرا مودى» للقيام بذلك. فمن الجدير بالذكر أن هذا الحديث لم يختف نظرا لحضور«مودى» اجتماع رؤساء حكومات دول الكومنولث الأخير، على الرغم من عدم الاهتمام سابقا بحضور هذه الاجتماعات فعلى سبيل المثال لم يحضر «مودى» اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث الذى انعقد فى مالطا عام 2015، فضلا عن رفض رئيس الوزراء الهندى السابق «مانموهان سينج» حضور قمة الكومنولث عام 2013 والتى انعقدت فى كولومبو احتجاجا على انتهاكات حقوق الإنسان.
أما بالنسبة للمملكة المتحدة فتحاول إعادة إحياء أمجادها على المسرح الدولى عبر توطيد علاقتها بدول الكومنولث فى الوقت التى تستعد فيه للخروج من الاتحاد الأوروبى، ومن ثم نلاحظ أن كلا من لندن ونيودلهى قد تجاهلا رابطة الكومنولث فى البداية إلا أنهما يحاولان الاهتمام بها والعمل على إعادة إحيائها مرة أخرى.
خلال الحرب الباردة، كانت بريطانيا مرتبطة بأوروبا والولايات المتحدة، وكانت مواقف الهند بشأن القضايا الدولية متعارضة بشكل كبير مع مصالح بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة، فى حين كانت علاقاتها وثيقة بالاتحاد السوفييتى. ولقد حظى انضمام الهند إلى حركة عدم الانحياز ورابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمى فضلا عن تعزيز علاقتها مع الصين باهتمام أكبر من توطيد علاقتها مع الكومنولث.
قبل تولى «مانموهان سينغ» لرئاسة وزراء الهند، لم يكن لدى أى من رؤساء الوزراء السابقين مثل أتال بيهارى فاجبايى وبى فى ناراسيمها راو الكثير من الاهتمام بالكومنولث. وإذا كان راجيف غاندى، ومن قبله إنديرا غاندى، قد حافظا على توطيد العلاقات مع الرابطة فذلك كان انطلاقا من إحساسهما بضرورة الحفاظ على الإرث. وعندما اهتم جواهر لال نهرو برابطة الكومنولث وتوثيق العلاقات معها فى عام 1949، اعترضت العديد من الكيانات السياسية رافضة توطيد العلاقات مع المستعمر البريطانى، ويرجع سبب توثيق نهرو للعلاقات مع الكومنولث إلى رغبته فى الحفاظ على علاقات وطيدة مع بريطانيا كقوة كبرى.
***
يرجع سبب الاهتمام الحالى للهند بالكومنولث إلى رغبة البلاد فى الاستفادة القصوى من المحافل الدولية متعددة الأطراف سعيا للعب دور أكبر على الساحة الدولية. ويتجلى ذلك فى جهود الهند الطموحة للانضمام إلى المنتديات التى يمكن أن تصل إليها وكذلك إلى المؤسسات التى يصعب عليها الدخول فيها مثل مجموعة موردى المواد النووية، فضلا عن دور الهند فى تأسيس التحالف الدولى للطاقة الشمسية ــ الذى أطلق فى شهر مارس بنيوديلهى ــ، وبالتالى ينظر إلى قيادة الكومنولث على أنه «هدف» آخر يؤكد المسار التى شرعت نيوديلهى فى الوصول إليه.
وحتى لو افترضنا أن بريطانيا مستعدة لإفساح المجال للهند، فليس هناك أى يقين من أن الكومنولث المكون من 53 دولة سوف يرحب بالإجماع على الريادة الهندية لهذا الكيان الناطق باللغة الإنجليزية. لم تعد بريطانيا مهتمة باستمرار الكومنولث لدعم القيم التى ظلت قائمة حتى الآن، والتى تتضمن الالتزام بالديمقراطية بما فى ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة واحترام حقوق الإنسان. وفيما يتعلق بالمساعدات الإنمائية البريطانية للدول فهى قائمة على اعتبارات تخدم مصالح المملكة المتحدة الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية.
ويضيف الكاتب أنه بعد البريكست أصبحت بريطانيا أكثر اهتماما بالكومنولث وذلك من أجل تعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية من خلال توطيد علاقتها التجارية والاستثمارية والعسكرية. وقد يناسب هذا أهداف نيودلهى حيث أن اهتمامها بحقوق الإنسان والمسائل الإنسانية – فى دول الجوار وأماكن أخرى ــ آخذة فى الانخفاض.
واستطرد الكاتب قائلا إنه تم تعليق عضوية دول مثل زيمبابوى ونيجيريا وباكستان وفيجى فى رابطة الكومنولث بسبب تجاهل الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان. إلا أنه لم يعد هذا هو الحال، فبريطانيا إلى جانب الدول الغربية لم تلتزم بهذه القيم، فلقد تعرض جوليان أسانج ــ مؤسس موقع ويكلكس ــ للاضطهاد من قبل بريطانيا. فمن الجدير بالذكر أنه فى يونيو 2012 طلب جوليا أسانج اللجوء السياسى إلى سفارة الأكوادور فى لندن ووعد رئيس الإكوادور رافائيل كوريا بدراسة طلبه، وحاولت الإكوادور التوسط بين المملكة المتحدة والسويد لضمان محاكمة عادلة لأسانج، لكنها لم تفلح، وأعلن رئيس الإكوادور أنه سيبت فى الطلب بعد انتهاء الألعاب الأوليمبية فى لندن، وقالت بريطانيا إنها من الممكن أن تداهم سفارة الإكوادور فى لندن للقبض على أسانج مما أثار استنكارا من حكومة الإكوادور، إذ اعتبرت ذلك تهديدا بالاعتداء على سيادتها ومخالفة للقانون الدولى. فى حين أن موقف نيودلهى من هجوم الإبادة العرقية على الروهينجا كان مثالا للقيادة فى المنطقة.
***
وبالتالى فإن الكومنولث ــ بعيدًا عن أن يعاد إحياؤه ككيان يحمل قيما مشتركة ــ من الضرورى أن تعيد صياغة العلاقات بين دول الأعضاء القائمة على التجارة. مما يستدعى ذلك وجود قواعد أساسية لضمان العلاقات مع العديد من الدول النامية، بما فى ذلك الدول الجزرية الصغيرة، متنوعة العرقيات. على الرغم من أن بريطانيا تشير إلى أن مواطنى الكومنولث يمكنهم التصويت فى الانتخابات الوطنية والمحلية فى المملكة المتحدة، إلا أنهم محرومون من الحصول على تعليم ووظائف بشروط ميسرة، والتى يتمتع بها الأوروبيون والأمريكيون. إلى جانب ذلك، فإن مواطنى الكومنولث مستهدفون لمعظم تدابير مكافحة الهجرة.
وباعتبارها العضو الأكثر اكتظاظًا بالسكان وأكبر دولة ديمقراطية فى الرابطة، يمكن للهند أن تتعامل بشكل جدى مع مطالبها بقيادة الكومنولث إذا ما استمرت فى الالتزام بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وإجراء انتخابات نزيهة وعقد شراكات تنموية...إلخ. ومع ذلك لم يتم النظر لهذه المسألة على هذا الأساس وإنما يشار إلى أن المنجزات الاقتصادية هى العنصر الأساسى. ومازال هذا الأمر محل نقاش.
ويختتم الكاتب حديثه بالإشارة إلى أن صندوق النقد الدولى قد قدر ــ فى عام 2017 ــ الناتج المحلى الإجمالى لبريطانيا بـ 2.56 تريليون دولار والهند بنحو 2.43 تريليون دولار، ومن المتوقع أن الهند ستتفوق فى وقت قريب على الناتج المحلى الإجمالى البريطانى، إلا أن هذا لا يعتبر أن الهند ستقود الكومنولث. فى الواقع، يمكن أن تكون أرقام الناتج المحلى الإجمالى مضللة بشأن الصحة الاقتصادية للدول ــ أى إن اقتصاد الدول يسير على الطريق الصحيح ــ. فمع نمو الناتج المحلى الإجمالى للهند، هناك تفاوت كبير فى مستوى دخل الفرد. منذ عام 2000، ظل التفاوت الاقتصادى فى الهند يتزايد عاما بعد عام، ولا ينعكس ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى إلا على نسبة ضئيلة من الأفراد. وبالتالى، حتى فى غضون 50 عامًا قد لا يحقق متوسط دخل المواطن الهندى ــ مهما كان محددا ــ نفس مستويات المعيشية للمواطن البريطانى العادى. ومن ثم يجب على القيادة السياسية فى الهند إيلاء المزيد من الاهتمام بتحسين دخول الفرد بدلا من الجرى وراء أوهام مثل قيادة الكومنولث.

إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى: https://bit.ly/2G9oRus

التعليقات