لم أصدق عينى وأنا أرى تلك السيارة الفارهة تسير بالاتجاه المعاكس فى مواجهتى تماما وقبل أن أقوم بتحذير سائقها وجدته يصوب أنوار سيارته «الفلاشر» نحوى وكأنى من ارتكب المخالفة، تكرر المشهد فى مناطق عديدة، ومن مختلف مستويات البشر بداية من سائقى الميكروباص مرورا بالسيارات الفاخرة وانتهاء «بالتوك توك»، كنت فى البداية اصيح بقائدى السيارات بأن الطريق اتجاه واحد أو أنبههم بأنهم يسيرون عكس الاتجاه، وكان الكثيرون منهم ينظرون لى وكأنى كائن من كوكب المريخ، ورغم أننى اعتدت المشهد الذى ظل مستمرا رغم انتخاب الرئيس الجديد ورغم إعلان الدكتور مرسى عن خماسيته التى يأتى المرور فى مقدمتها إلى جانب رغيف الخبز وتوفير الوقود وعودة الأمن وحل مشكلة القمامة، إلا إننى فى كل مرة أرى فيها المشهد كنت أحدث نفسى بيأس «ولا ميت سنة يا دكتور مرسى»، صرت أكرر العبارة كلما رايت أكوام القمامة تكاد تغلق الشوارع والطرق السريعة خاصة الطريق الدائرى، وكلما رايت طوابير الخبز تزداد طولا ورغيف العيش يزداد سوءا، كنت انتظر ومعى جميع المصريين أن يبدا الرئيس الجديد برنامج الـ100 يوم فور ادائه القسم الدستورى، فلم يعد أحد يتحمل تلك الفوضى العارمة فى كل مكان والتى أشك أنها تفاقمت عقب الانتخابات ولم تقل، وكم كانت دهشتى ودهشة ملايين المصريين عندما راينا الدكتور مرسى يترك ملفاته التى تلبى المطالب العاجلة للشعب ليصدر قرارا بعودة مجلس الشعب للانعقاد رغم قرار حله من المحكمة الدستورية وهو ما سبب توترات سياسية خلال الاسبوع الاخير استطاع الرئيس الحمد لله تجاوزها عندما أكد فى بيان للرئاسة على احترامه القضاء وأحكام الدستورية، ربما حاول البعض تبرير قرار عودة البرلمان المنحل بأنه ضرورة لمساعدة الرئيس المنتخب فى تنفيذ برنامجه من خلال إصدار التشريعات اللازمة لذلك، لكنى أرى ومعى كثيرون أن تنفيذ خماسية مرسى لا تحتاج بالتأكيد إلى تشريعات جديدة بقدر ما تحتاج إلى تفعيل القوانين والعقوبات الكثيرة القائمة لردع المخالفين فى المجالات الخمس التى ألزم الرئيس نفسه بها، ولا بأس من إصدار قرارات لقطاعات الدولة ببدء التنفيذ الجاد.
نرجو ألا يحصر الرئيس المنتخب نفسه فى الملف السياسى على حساب ملفات الشعب العاجلة حتى لا يتسرب اليأس إلى نفوس الناس كما تسرب إلى نفسى وأنا التى لم أتخل عن تفاؤلى يوما منذ الثورة رغم الأوقات الحالكة التى مررنا بها، الناس تريد إشارة وبشارة، تريد خطوة تشعر من خلالها أن الشيخ الذى انتظرته طويلا تحت قبة الثورة قد ظهرت له كرامات.