يتم تشخيص مرض السكر حينما يسجل الجلوكوميتر أو جهاز قياس نسبة الجلوكوز فى الدم أكثر من قراءة تشير إلى ارتفاع نسبة الجلوكوز فى دم الإنسان بعد صيام ثمانى ساعات متتالية عن الطعام عن القياس الطبيعى.
إذا اخترنا بصورة عشوائية أربعة أشخاص لم يسبق لهم أن أجروا اختبارات معملية لقياس نسبة السكر فى الدم فجاءت نتائجهم بعد صيام ثمانى ساعات على التوالى 85 ،113 ،124 ،190 مجم/ديسى لتر لنا أن نقول إن الأول طبيعى والرابع حتما مصاب بارتفاع نسبة الجلوكوز فى الدم أما الثانى والثالث فيضعهما العلم فى خانة مرحلة ما قبل السكر.
ما أهمية تلك المرحلة الزمنية؟ وهل حتما يعقبها الإصابة بمرض السكر؟
جزىء سكر الجلوكز هو وحدة الطاقة فى جسم الإنسان، فهو الوقود الذى يستخدمه الجسم ليستطيع القيام بوظائفه الحيوية سواء الإرادية منها مثل الحركة والجهد العضلى أو اللاإرادية مثل نبض القلب وحركة الأمعاء ووظائف المخ المعقدة. لذا فمرض السكر هو مرض الجسم كله: أنسجة وخلايا إذ إن أى خلل يؤدى الى عدم تمكين جزىء الجلوكوز من القيام بوظائفه ينعكس على الدم والخلايا وكل أعضاء الجسم كالمخ والقلب والعين حتى الجلد.
تقدير نسبة الجلوكوز فى الدم اختبار معملى مهم يمكن به تشخيص مرض السكر بنوعيه: الأول وفيه يغيب تماما هورمون الإنسولين الذى يفرزه البنكرياس ويمكن تشخيصه عند الأطفال ويعالج بالأنسولين طوال العمر.
الثانى الذى يصيب البالغين وقد يصاحبه أى عامل آخر من عوامل الخطر الأخرى التى تهدد حياة الإنسان ومنها ارتفاع ضغط الدم، السمنة، زيادة نسبة الدهون بالدم أو تصلب الشرايين خصوصا التاجية.
إجراء الاختبارات الدورية دون انتظار ظهور أعراض مرضية أمر أصبح من الإجراءات الوقائية التى يمكن أن تؤدى لتشخيص تلك المرحلة الفارقة المهمة التى تسبق التشخيص المؤكد لمرض السكر والتى تعرف بمرحلة ما قبل السكر.
• قياس نسبة الجلوكوز فى الدم
ارتفاع نسبة الجلوكوز فى الدم عن المعدل الطبيعى المعروف 80 ــ 110 مجم/ من الدم بصورة دائمة متكررة هى السمة الأساسية والتى يعتمد عليها فى التأكد من تشخيص إصابة الإنسان بمرض السكر.
لذا فالإنسان إما طبيعى يتمتع بنسبة جلوكوز فى الحدود الطبيعية أو انه مريض بارتفاع نسبة الجلوكوز بصورة دائمة تستوجب العلاج لإعادة الأمور إلى نصابها أو أنه فى حالة توصف علميا بما قبل السكر يتأرجح فيها منسوب السكر بين نسبة أكثر قليلا من الطبيعى والنسبة الطبيعية المعروفة.
قد تمتد تلك المرحلة الى سنوات قد تتجاوز عشر سنوات لا يعانى الإنسان فيها أيا من اعراض مرض السكر لذا يصعب تماما اكتشافها إكلنيكيا اذا لم يتم اجراء التحاليل اللازمة لتقدير نسبة السكر بصورة مختلفة معها يتأكد التشخيص.
• اختبار قياس نسبة الجلوكوز فى بلازما الدم: سحب عينة من الوريد بعد الصيام عن الطعام لمدة لا تقل عن ثمانى ساعات ولا تتجاوز العشر هو أول الطرق المباشرة لتقدير نسبة السكر فى الدم فى الأحوال الطبيعية تعد نسبة 80 ــ 100 مجم/ ديسى لتر نسبة صحية طبيعية بينما نسبة 100 ــ 125 مجم/ ديسى لتر تعكس مرحلة ما قبل السكر بينما زيادة النسبة على 126 مجم/ ديسى لتر تؤكد وجود مرض السكر.
• اختبار القدرة على احتمال الجلوكوز: المقصود بهذا الاختبار اختبار قدرة الإنسولين الذى يفرزه البنكرياس على التعامل مع سكر الجلوكوز. تسحب عينة مبدئية من الوريد لتحديد نسبة الجلوكوز فى الدم ثم يتناول الإنسان سائلا سكريا يحتوى 75 جراما من السكر لتسحب عينة أخرى من الدم بعد ساعتين. إذا ما جاءت نسبة الجلوكوز فى الدم فى العينة التى أخذت بعد تناول السكر بالفم فى حدود 139 مجم/ ديسى لتر جاءت طبيعية أما إذا زادت إلى 140 ــ 199 مجم/ ديسى لتر اتجه التفكير إلى حالة ما قبل السكر أما إذا زادت على 200 مجم/ ديسى لتر كانت تشخيصا مؤكدا لمرض السكر.
• تقدير نسبة السكر فى عينة دم عشوائية:
تقدير نسبة السكر فى الدم دون الارتباط بموعد للطعام أو الصيام بأى صورة إذا زادت على 200 مجم ديسى لتر إلى جانب وجود بعض الأعراض مثل العطش الدائم وزيادة مرات التبول وفقدان الوزن بصورة غير مبررة كانت تشخيصا للمرض بالسكر.
• ما قبل السكر: مرحلة صحية فارقة
من الأهمية أن يتنبه الإنسان لتلك المرحلة الصحية الفارقة التى قد تتسبب فى تغيير ملفه الصحى بالكامل. ارتفاع نسبة السكر باستمرار ولو إلى حدود طبيعية عالية ينذر بأن مرض السكر قادم لا محالة لكن فى الوقت ذاته يمنح الإنسان فرصة نادرة فى الهرب قبل أن يدهمه. من المعروف أن مرض السكر يحدث تغييرات فى كل خلايا الجسم وأنسجته ببطء شديد قد يستمر سنوات قبل أن تشير أعراض لوجوده لذا فاكتشافه فى تلك المرحلة قد يبعث الأمل فى مقاومته وربما تغيير مساره بحسم يحسب لصالح صحة الإنسان.
• كيف يمكن تشخيص ما قبل السكر؟
نظرا لغياب أى أعراض مرضية خلال تلك الفترة فإن قياس نسبة السكر فى الدم هى الوسيلة الوحيدة التى يمكن بها تشخيص مرحلة ما قبل السكر. يجب بالطبع مراعاة أن يتم التحليل بصورة سليمة صحيحة اعتمادا على عينة من دم الوريد بعد صيام يستمر لثمانى ساعات فى حالة قياس نسبة السكر صائم.
يجب أيضا أن يجرى قياس نسبة السكر بعد تناول محلول سكرى «75 جم سكر» والصيام لمدة ساعتين فهذا يعد تحليلا أكثر دقة إذ تعكس قدرة الإنسولين على العمل وبالتالى كفاية التوافر من إفراز البنكرياس للتحكم فى نسبة الجلوكوز فى الدم من جانب والأنسجة والخلايا من الجانب الآخر. يجب أن يبدأ الاهتمام بمرض نسبة الجلوكوز فى الدم منذ بداية الثلاثينيات وأن تسجل تلك القراءات وتحفظ فى ملف الإنسان الصحى مع بداية الأربعين وأن تجرى تلك الاختبارات بانتظام يكفل متابعة تطوراتها.
• ماذا بعد مرحلة «ما قبل السكر»؟
إذا استمرت تلك الاضطرابات فى عملية تمثيل السكر غذائيا فمن الطبيعى أن يبلغ الأمر مداه وتبدأ أعراض مرض السكر فى الظهور أما إذا تنبه الإنسان فى تلك المرحلة التى تنذر بالخطر فإن احتمالات تفادى الإصابة بمرض السكر واردة وبقوة.
• ما الذى يجب عمله إذن؟
1 ــ أول ما يجب الانتباه إليه هو الوزن: هل وزن الإنسان يعد ملائما لطوله وعمره؟ محاولة إنقاص الوزن والحفاظ على وزن صحى مثالى هو أول ما يجب التفكير فيه.
2ــ ممارسة الرياضة ولو فى أبسط صورها توصى جمعية أطباء السكر الأمريكية بأن يبذل الإنسان جهدا بدنيا متوسط القوة مثل المشى، الهرولة، السباحة، ركوب الدراجات بما لا يقل عن 150 دقيقة اسبوعيا على فترات متقطعة ثلاث أو أربع مرات أسبوعيا كافية لأن تحافظ على ليونة العضلات وسلاستها إلى جانب دعمها لعملية التخلص من الوزن الزائد وتنشيط الدورة الدموية أما الأهم فأثرها على تنظيم نسبة السكر بين الدم وخلايا الجسم وأنسجته.
3 ــ الاهتمام بتوازن الغذاء أمر يفوق أهمية الالتجاء للأدوية فى تلك المرحلة تنوع الخضروات الطازجة والفواكه الغنية بالألياف والفيتامينات قليلة السكر مثل الكمثرى والتفاح والكنتالوب والحرص فى تناول الغنية بالسكر مثل المشمش والخوخ والبرقوق وتفادى البلح، والمانجو على سبيل المثال، تناول السمك والدجاج عوضا عن اللحوم الحمراء الدسمة اختيار منتجات الألبان قليلة الدسم واللبن الذى لا تتعدى فيه الدهون نسبة 1٪.
التعرف على المخبوزات والمعجنات المصنوعة من الحبوب الكاملة «الخبز الأسمر والمكرونة المصنوعة من القمح الكامل دون انتزاع قشوره» استبدال العصائر والمشروبات الغذائية بالماء الصافى دائما الامتناع عن الأكل بين الوجبات والنظر بجدية لضرورة الإقلاع عن التدخين كلها تغييرات بسيطة فى العادات الغذائية حتما تقود إلى تغيرات بالغة الأثر إيجابية النتيجة على صحة الإنسان فى مرحلة حساسة كمرحلة ما قبل السكر.
4 ــ البدء فى تناول أدوية تساعد على تراجع نسبة السكر فى الدم أمر وارد وقد يلجأ إليه الطبيب فى تلك المرحلة خصوصا لمن يترصدهم تاريخ عائلى وراثى للسكر. يظل عقار الميتافورمين هو أهم العقارات المستخدمة وأكثرها أمانا فى الاستعمال على المدى الطول.