جاء مانشيت جريدة الأهرام الرئيسى هذا الأسبوع «تعديل تشريعى لتغليظ عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية»، أما بقية الخبر فكانت كالتالى: وجه مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعى برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى أمس بدراسة تعديل تشريعى لتغليظ العقوبة المقررة على المعتدين على أطقم العمل الطبى والمنشآت والتجهيزات الطبية.
لا أنكر أننى قد استقبلت الخبر بارتياح، خاصة حرص الجريدة على إبرازه بتلك الصورة التى تشى بأهميته.. فى تقديرى أن هذا التوجيه قد تأخر الأمر الذى ننتظر أن يتحول فيه التوجه إلى تشريع فى أقرب وقت ممكن حتى يتسنى للأطباء أن تطمئن قلوبهم إلى أن الدولة بالفعل تهتم بشئونهم.
تعددت حوادث اعتداء المواطنين على الأطباء والمنشآت الطبية فى ظروف مفتعلة ومواقف أقل ما توصف بها الهمجية. لست بموقف من تعدد اليوم تلك الحوادث الفاجعة ليكدر الصفو العام، لكن هناك مواقف لا يمكن على الإطلاق نسيانها أو حتى تجاهلها كتلك الحادثة التى تم فيها تدمير غرفة قسطرة كهرباء القلب بالكامل فى معهد القلب القومى إثر وفاة مواطن تطوع الأطباء لانقاذه حينما وصل للمستشفى فجرا، وكانت يد الله أسبق منهم، حادثة بلاشك داهمتنا جميعا أطباء وكل الأطقم العاملة المساعدة. لكن إيماننا بأهمية الرسالة التى يقوم بها معهد القلب كانت الدافع الأساسى الذى جعلنا نتكاتف لنعيد تجهيزها للعمل مرة أخرى فى أسرع وقت ممكن بالجهود الذاتية.
أما تلك الحادثة التى لا أظنها أبدا تتوارى عن الذاكرة فتلك التى اندفع فيها مريض بمرض نقص المناعة «الإيدز» بجرح مفتوح لمحاولة تلويث كل ما يمكن أن يطاله من تجهيزات طبية بل وأطباء وممرضات فى طريقة بدقة مرعبة منه فى أن تنتقل العدوى للعالم كله من حوله.
أما الفاجع فى الأمر أن زوجته كانت تسانده وتسهل له مهمته.
الحمد لله أنه أخيرا قد نما إلى علم مجلس الوزراء أنه فيما يحدث خسارة قومية فادحة ليس فقط الخسارة المادية التى تنجم عن تحطيم أجهزة بملايين وفرتها الدولة من ميزانية تغطى احتياجات البشر بالكاد إنما أيضا خسارة اجتماعية تذكى نار الشر بين أهل الوطن الواحد.
حسن فعل رئيس الوزراء وإن كنت أتمنى ألا يكتمل التعديل التشريعى المأمول دون أن يوضع فى الاعتبار أن العقوبة أيضا مغلظة يجب أن تطال:
* السادة المحافظون الذى يبدأون مهامهم عادة بزيارة تنكرية للمستشفيات متخفين فى صور هزلية بالطبع يرافقهم حشد من الإعلاميين والمصورين الشرفاء الذين يؤدون واجبا قوميا لحماية المواطنين الغلابة من بطش الأطباء وفسادهم ورغباتهم الشريرة فى استغلال المرضي البؤساء. يجب أن يغل التشريع يد السادة المحافظين عن قانون عقاب الأطباء فهذا بلاشك شأن وزارة الصحة وحدها.
* السادة الإعلاميون الذين لا يتوانون عن افتعال الحوادث دون رؤية أو تدقيق بحثا عن عناوين مثيرة وأخبار ملونة تحت زعم الاهتمام بالمواطن المصرى الغلبان!
كل من ثبت تورطه فى نشر أكاذيب أو قصص وهمية يوجه طعنة مباشرة للجهود التى تبذلها الدولة لخدمة المواطنين على التشريع أن يحمى الأيباء من الإعلام الذى يترصد الأطباء والمؤسسات الصحية الخدمية كأهداف حين ؟؟؟؟؟؟؟؟ كنت بالطبع، أتمنى لو أن التشريع أيضا شمل عقوبات مغلظة للأطباء الذين لا يؤدون واجباتهم كاملة فى حدود الإمكانيات المتاحة لهم من قبل المؤسسات التى يعملون بها.
أتمنى أن تأتينا العدالة فاعلة ناجزة فقد طال انتظارها.