غابت الأسماء فى فعل الثورة، الأمر الذى ربط فى الوجدان بين الثورة وكل شباب هذا الجيل فأصبحنا نسعد لرؤيتهم بيننا ونستشعر الأمان لوجودهم ونستعرض كل مظاهر حكمتهم فى إدارة الأمور بتلك الإرادة الفولاذية والرؤية النافذة التى حققت للبلاد حلما كدنا نيأس من قدرتنا على تحقيقه.
قطاع عريض من هؤلاء الشباب يعمل فى مجال الصحة: أطباء فى مختلف التخصصات، صيادلة، فنيون ومساعدون فى مهن عديدة مختلفة؛ التمريض والمعامل وشئون المرضى فى مراكز حيوية لها أهميتها لحياة المواطنين وسلامة الوطن فهل توقفنا قليلا لنرصد ما يحدث فى بعض المستشفيات وشركات الأدوية ومراكز البحث العلمى ووزارة الصحة ذاتها؟
ثورات صغيرة فوضوية يعلن أصحابها عن إضرابهم عن العمل وانقطاعهم عن تقديم خدمة حيوية تتعلق بأرواح الناس فى مقابل الإعلان عن مطالب ربما كان بعضها بالفعل مشروعا ومهما لكن أغلبها تنحصر فى ما يراه البعض حقا خالصا ولا يسمح به القانون.
الكل الآن يفكر بمنطق أنها الفرصة الوحيدة الباقية للمطالبة بكل الحقوق فى غياب الإعلان عن الواجبات وأن ما لم يحصل عليه الآن لن يحصل عليه فى وقت لاحق مطلقا.
هل يعقل أن يحتجز العمال مديرا لأحد أكبر شركات الأدوية فى مصر فى مكتبه لأى سبب كان فيتعطل خط الإنتاج بالكامل ويحرم من الدواء مريض قد يدفع حياته ثمنا بلا ذنب ارتكب؟
هل يمكن أن يقبل الضمير الوطنى تبعات توقف مستشفى عام أو متخصص عن العمل للتفرغ لمطالبة العمال الموسميين بتثبيتهم فى وظائفهم أو أحقية الأطباء فى المكافآت أو توزيع واجبات العمل؟
الإضراب عن العمل حق مشروع فى الأحوال الطبيعية. حق له مبرراته وقوانينه التى لا تحدث شللا لمراكز الخدمة العامة والتى لا يمكن للمواطنين الاستغناء عنها، فما بالكم بما نحن نعيشه الآن من أيام تتحول فيها أقدار بلادنا بالعمل وحده إلى ما نتوق إليه ونتمناه لها. إن ما يحدث أكثر خطورة على أمن البلاد والإنسان المصرى، أتمنى أن ينتبه إليه شباب التحرير لتظل ملامح الثورة وطنية خالصة لما شهد لها العالم.