العالم إذ ينتظر تقرير موللر - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العالم إذ ينتظر تقرير موللر

نشر فى : الخميس 14 مارس 2019 - 10:05 م | آخر تحديث : الخميس 14 مارس 2019 - 10:05 م

 


يتطلع الأمريكيون وبقية العالم إلى انتهاء التحقيقات التى يجريها روبرت موللر فى التدخل الروسى بالانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2016، ويُنتظر أن يقدم موللر تقريره لوزير العدل الجديد وليام بار خلال أيام.
وانقسم الأمريكيون بين فريقين، الأول من أنصار الرئيس دونالد ترامب رحبوا بقرب انتهاء التحقيقات وانتهاء مطاردة الرئيس من خلال تحقيقات يُشبهها ترامب بالبحث عن اللا شىء Witch Hunt، والثانى يمثل أعداء ترامب ممن يأملون أن يتضمن التقرير ما يؤكد تواطؤه مع روسيا، وهو ما يؤدى للقضاء عليه سياسيا وإقصائه على يد الكونجرس.
إلا أن الموضوع ليس بهذه البساطة، فعزل الرئيس الأمريكى ليس بالأمر الهين. ولن يقوم الكونجرس ببدء إجراءات إقصاء الرئيس إلا فى حالتين اثنين فقط. الأولى أن يكون هناك دليل على سوء استغلال السلطة بما يسمح بتحقيق مكاسب غير دستورية للرئيس على حساب السلطات التشريعية أو القانونية، وهو ما يعد تعديا وهجوما على ثوابت المعادلة السياسية الأمريكية وتمثل إعاقة العدالة إحدى صوره. الثانية أن يكون الرئيس وصل البيت الأبيض ونجح فى الانتخابات عن طريق تواطئه مع قوى خارجية بصورة تضر بنزاهة العملية الانتخابية. من هنا لم أستغرب ما خلصت إليه نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الديمقراطية عندما قالت لصحيفة واشنطن بوست قبل أيام من أن «العزل سيثير انقساما كبيرا فى البلاد لدرجة أنه إذا لم يكن هناك شىء مقنع وقاطع ويحظى بتأييد الحزبين، فلا أعتقد أنه يجب أن نسلك هذا الطريق لأنه يقسم البلاد. وهو (ترامب) لا يستحق عناء ذلك».
***
لم يسرب المحقق موللر ولا أى من كبار مساعديه ــ الذين يشكلون فريقا قانونيا قويا يتضمن أكثر من أربعين محاميا ومحققا ــ أى إشارات عما يحتويه تقريرهم النهائى. لكن هناك عدة سيناريوهات للتقرير استنادا لآراء خبراء قانونيين ومسئولين سابقين بوزارة العدل يمكن تلخيصها فى ثلاثة سيناريوهات.
الأول: أن يتم توجيه اتهامات للرئيس ترامب، حيث يقوم فريق موللر بإرسال التقرير لوزير العدل متضمنا اتهامات لترامب، وينتهى عمل موللر وفريقه عند هذه النقطة. وسيكون التقرير وفقا لهذا السيناريو سريا لا يتم نشره بوسائل الإعلام، ويجب أن تتضمن نهايته إيضاحات حول خلاصة التحقيقات، وإذا ما كانت هناك توصيات من فريق التحقيق سواء بما يمكن لوزارة العدل القيام به، أو ما يوصى به من ضرورة تدخل الكونجرس لعزل الرئيس حال توافر دلائل على شاكلة التواطؤ مع دولة أجنبية. وإذا تأكد الجمهوريون من وجود دلائل تؤكد طلب ترامب مساعدة روسية تضر بمنافسته فى الانتخابات هيلارى كلينتون، وهو ما سيدعم من وجود تواطؤ من جانب ترامب، فسيصعب الدفاع عنه من جانب أعضاء الكونجرس الجمهوريين.
السيناريو الثانى: أن يتضمن التقرير قائمة اتهامات واسعة لا تشمل الرئيس أو تشمل الرئيس لكنها لا تستدعى بدء إجراءات عزله. ويقدم المحقق لوزارة العدل فى تقريره قرائن تستدعى توجيه تهم فيدرالية بمخالفات قانونية واضحة، إلا أن الاتهامات فى هذه الحالة ستكون من العيار الثقيل كغسيل أموال أو تهرب ضريبى أو عمليات نصب أو استغلال نفوذ. إلا أن بعض الخبراء القانونيين يؤكدون عدم دستورية توجيه اتهامات جنائية لرئيس أثناء فترة حكمه. ورغم إدانة 37 شخصا الآن بجرائم متنوعة على خلفية التحقيقات الجارية، فإنه لم تتم إدانة أى من مساعدى ترامب حتى الآن بالتواطؤ مع روسيا.
السيناريو الثالث: تقرير يمهد لنهاية هادئة للتحقيقات، ويروج أنصار الرئيس ترامب بشدة لهذا السيناريو الذى ينتهى إلى أن التحقيقات لم تتوصل لقرائن على وجود تواطؤ بين حملة ترامب الانتخابية وروسيا.
***
طبقا لقواعد تكليف المحقق الخاص بإجراء التحقيقات، ينبغى على موللر تقديم تقريره النهائى والسرى لوزير العدل وليس الكونجرس. ولا يوجد ما يلزم الوزير قانونيا أن يسلم التقرير أو أن يطلع عليه الكونجرس أو الرأى العام الأمريكى. وخلال مداولات تثبيت وزير العدل بمجلس الشيوخ قبل شهر، لم يقدم بار أى تعهد باطلاع الكونجرس على التقرير وأصر على أنه سيقرر ذلك الأمر بعد انتهاء التحقيقات واستلام التقرير النهائى، وطبقا لطبيعة ما يحتويه التقرير. ويعنى ذلك أن الوزير سيكون له الحق فى استخدام التقرير بالطريقة التى يراها وفى التوقيت الذى يختاره. ويتوقع خبراء قانونيون أن يقدم بار خلاصة التقرير للكونجرس، إلا أن بعض أنصار ترامب يعتقدون أنه قد لا يكون هناك مبرر لفعل ذلك. ومن الصعوبة تخيل ألا يقدم الوزير التقرير للكونجرس وأن يبقى التقرير سريا بواشنطن.
***
وبعيدا عن تحقيقات موللر، تتصاعد وتيرة التطورات المتعلقة بالتحقيقات التى تستهدف ترامب والدائرة القريبة منه. وفى وقت تنتظر واشنطن بشغف انتهاء التحقيقات، يبادر مجلس النواب بفتح عدد من التحقيقات التى تستهدف أعمال الرئيس ترامب قبل وصوله للحكم وشبكة أعمال عائلته ومعارفه، إضافة لانتهاكات محتملة لقوانين تمويل الحملات الانتخابية. وتدرك دوائر واشنطن السياسية أن تقرير موللر ستكون له تبعات سياسية ضخمة على انتخابات 2020 الرئاسية وحملاتها الانتخابية التى بدأت بالفعل بين الديمقراطيين. وإذا تم تأكيد تواطؤ ترامب مع الروس، فسيخضع الحزب الجمهورى لمراجعات داخلية قد تعصف به، أو على أقل تقدير بأكثر التيارات اليمينية داخله، والتى تغلغل نفوذها منذ سيطرة مجموعة «حزب الشاى» على الحزب قبل عقد من الزمان. وستمثل أى إدانة للرئيس ترامب دفعة قوية لحظوظ الديمقراطيين بالسيطرة على البيت الأبيض فى الانتخابات القادمة، إلا أنه فى حالة تبرئة ساحة ترامب وخوضه الانتخابات القادمة، فمن المؤكد قيام قواعد الحزب الجمهورى باستغلال هذا الموقف والظهور بصورة الضحية، وهو ما سيعضد من حظوظ ترامب للبقاء فى البيت الأبيض حتى 2024.
لا أحد يعرف ما بحوزة موللر حتى الآن، ويزيد ذلك من التكهنات حول ما وصلت إليه التحقيقات الجارية منذ أكثر من عام ونصف، إلا أنه من المتوقع أن يحمل موللر الكثير من الدلائل على انتهاكات قانونية لفريق ترامب الانتخابى وربما مخالفات لترامب نفسه، لكن قد لا يعنى ذلك بالضرورة عزل الرئيس كما يتمنى الكثيرون.

كاتب صحفى يكتب من واشنطن
الاقتباس
ستمثل أى إدانة للرئيس ترامب دفعة قوية لحظوظ الديمقراطيين بالسيطرة على البيت الأبيض فى الانتخابات القادمة، إلا أنه فى حالة تبرئة ساحة ترامب وخوضه الانتخابات القادمة، فمن المؤكد قيام قواعد الحزب الجمهورى باستغلال هذا الموقف والظهور بصورة الضحية، وهو ما سيعضد من حظوظ ترامب للبقاء فى البيت الأبيض حتى 2024.


محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات