اليوم انتهت فعاليات المؤتمر الثالث والعشرين لجمعية جراحة القلب والصدر والذى قام على مجهود رائع من الشباب وجيل الوسط من جراحى معهد القلب والمحزن أنهم أجلوا رحيلهم لنهاية المؤتمر، ربما بلا عودة لدول الخليج. سبعة من الحاصلين على درجة الدكتوراة فى جراحة القلب وتدربوا لسنوات فى الداخل والخارج يرحلون بنية الاستقرار فى الخليج إن أمكن لضعف دخولهم فى بلدهم ما يستحيل معه توفير حياة كريمة لأسرهم. سبعة دفعة واحدة من أمهر الجراحين وبعضهم متخصص فى نوعية عمليات معقدة متقدمة لا أعرف إن كنا سنعوضهم يغادرون ليلحقوا بحوالى عشرين أو أكثر من أبناء المعهد فى الخليج. غير عشرات من الشباب الحاصلين على الماجستير وغادروا فى سنوات سابقة. أما المحاضرون الأجانب كان منهم عشرة ممن غادروا سابقا واستقروا فى مراكز أوروبية وأمريكية جاءوا ليمثلوا مراكزهم.
الجميع ربما أقل فى السن من أربعين سنة إذا أخذنا فى الاعتبار أن تشكيل جراح قلب جيد يحتاج لدراسة صعبة ويدرب ساقه على الأقل لخمسة عشر عاما وأن مجموع كل جراحى القلب من جميع الأعمار وحتى سن المعاش ستمائة جراح بينما عددهم فى المعهد مائة تقريبا منهم أربعون خارج البلاد ممكن تتصور المصيبة: أولا من سيكمل مسيرة وصلت لمستوى النتائج العالمية؟ ومن سيعالج المصريين؟
ثانيا: هل نتصور تكلفة تدريب وتعليم وتشكيل هذا العدد من الجراحين عالى التخصص والكفاءة إن تصورنا يجوز نقدر الخسارة الناتجة عن فقدان خيرة الشباب هربا من صعوبة العيش بل واستحالته. عند سؤالهم قالوا: لو وجدنا فرصة مقبولة بدخل أقل كثيرا ولكن يحقق المطالب الأساسية ما كنا غادرنا غير ما تقدمه مراكز الخليج وأوروبا من فرص تعليم وتدريب مستمر لتحقيق الطموح العلمى وليس المادى فقط.
ألا تعووا ما تفقدون أنهم ابناؤنا من وضعنا عليهم أملنا للغد يذهبون بلا عودة ولا نستطيع عمل شىء إلا تمنياتنا لهم بالتوفيق.
فنقول حرفيا عن صفحة جراح القلب الأستاذ الدكتور عادل فريد رئيس وحدة الجراحة بمعهد القلب القومى.
ومعهد القلب القومى يتأهب لافتتاحه بعد عمليات تحضير وإعداد وتخطيط لتطويره استنفدت جهودا هائلة على مدى عامين كاملين. لم أجد أصدق من تلك الكلمات التى حرصت على نقلها حرفيا عن صفحة أحد جراحى القلب: عادل فريد والذى يعد علامة فارقة بين زملائه الذين يؤلفون فريقا لجراحة القلب لا ينازعه أحد فى بلادنا على الاحتفاظ بقيمة العمل المهنى المتميز.
هجرة الكفاءات تجريف مستمر للجهد الذى يبذل لتعليم وتدريب وتأهيل الجراحين والأطباء من أبناء معهد القلب. الاستثمار فى التعليم يجب أن تعود فوائده على المركز الخدمى الذى يستقبل أكثر من ألفى مريض يوميا فى وحداته المختلفة.
من يشارك جراح القلب همومه لتعود تلك الطيور المهاجرة إلى وطنها؟