مصر مهما اختلفت.. - سمير كرم - بوابة الشروق
الخميس 28 نوفمبر 2024 10:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر مهما اختلفت..

نشر فى : الأربعاء 14 مايو 2014 - 3:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 مايو 2014 - 3:00 ص

تمر مصر اليوم بظروف لم يكن لها مثيل من قبل. حتى التشابه بين ظروف اليوم وظروف عام 1952 الذى شهد ثورة 23 يوليو ليس كبيرا ولا يدعو ابدا للقول بأن ثمة تماثلا أو تشابها بين ظروف ثورة 1952 وظروف ثورة 2011 وثورة 2013.. بين ظروف أدت إلى صعود جمال عبدالناصر وظروفنا الحالية التى أدت وتؤدى إلى صعود عبدالفتاح السيسى إلى قيادة الثورة وقيادة السلطة.

لا ينفى هذا أن هناك أوجه تشابه بين ما حدث وأدى إلى ثورة 1952 وما يحدث ويؤدى الآن إلى الثورة الحالية، بما فى ذلك التشابه بين شخصية جمال عبدالناصر ودوره وشخصية عبدالفتاح السيسى ودوره وانتماء الاثنين إلى القوات المسلحة. كما لا ينفى هذا أن هناك أوجه تشابه بين مهمة القوات المسلحة فى الحدثين. ولكن أوجه الشبه بين الحدثين أقل كثيرا من أوجه الاختلاف بينهما من حيث الظروف والملابسات والتطورات.

•••

وفى هذا الجانب يمكن التركيز على الظروف الدولية لكل من الثورتين وما تؤديان إليه. فقد كانت مصر تخرج من حالة خضوع لسلطة استعمارية أجنبية هى سلطة بريطانيا حينما دقت نواقيس ثورة يوليو 1952 معلنة بداية حركة قومية استقلالية للخروج من تحت هيمنة أجنبية على المنطقة. أما فى الظروف الحالية فإن مصر تدخل فى حالة صراع ضد محاولة خارجية للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. وهى محاولة اسفرت عن أحداث عكسية فى العراق وسوريا وليبيا واليمن. وأسفرت فى الوقت نفسه عن فشل ذريع لتلك المحاولة فى مصر على وجه التحديد. الأمر الذى يؤدى الآن إلى اتجاه عكسى نحو التحرر فى العراق وفى سوريا وإن بدا أن ليبيا مستمرة فى الخضوع للقوى الأجنبية الغربية. إن مصر تقوم بدور يكبر مع الوقت ويزداد تأثيرا وهى تشكل قاعدة المقاومة الرئيسية للمحاولة الغربية ــ الأمريكية بشكل خاص ــ لإعادة الهيمنة على الشرق الأوسط وخاصة المنطقة العربية فيه.

وعلى الرغم من أن نتائج أحداث 2011 و2013 لم تتبلور بعد، إلا أن دور مصر فيها آخذ فى التبلور والاتضاح أكثر من أى وقت مضى. وتتضح انعكاساته على تأثيرات الموقف المصرى إزاء أحداث العراق وسوريا بصفة خاصة. العراق حيث جرت انتخابات عامة توفرت لها أفضل ظروف ومكونات لتعطى نتائج تبدو مرضية لغالبية الشعب العراقى. وسوريا حيث أخذت النتائج التى يسفر عنها الصراع تتبلور فى غلبة القوة التى يمثلها النظام وهزيمة القوى التى تمثلها المعارضة التى أخفقت كلية فى أن تبدو ثورية أو وطنية. والأمر المشترك الذى لا شك فيه أن فشل أمريكا فى إخضاع مصر لتأثيرات تلك التدخلات الغربية هو الذى أدى ويؤدى إلى تغير صورة تطورات المنطقة إلى سيرها فى اتجاه مضاد لما كانت تسير فيه قبل أن تفشل هذه التدخلات فى اخضاع مصر لاتجاهاتها.

•••

وبالتالى فإن النتائج المنتظرة لهذه التطورات وتأثيرات مصر على المنطقة المحيطة بها لابد أن تختلف عن نتائج أحداث عام 1952 وتأثيراتها على المنطقة المحيطة بها. ولعل نقطة الاختلاف الأساسية بين نتائج أحداث 1952 وأحداث 2011 تتمثل أساسا فى المستوى الذى تبلغه الآن مقاومة مصر لمحاولات الهيمنة الغربية ــ الأمريكية أساسا ــ بقدر ما تتمثل فى تمسك الغرب بمحاولة إجبار مصر على قبول ما لا تقبل به من هيمنة غربية على أساس أن ما يأتى بعد ذلك يكون متمثلا فى سيطرة غربية ــ أمريكية على سياسات مصر واتجاهاتها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. وبينما يبدو الاختلاف فى دور مصر اليوم مختلفا اختلافا عميقا وواسعا عما كان عليه فى أعقاب ثورة 1952، إلا أن التقارب مع الولايات المتحدة لم يمنع مصر من أن تعقد صفقتها من الأسلحة المتطورة مع روسيا. الأمر الذى أجبر الولايات المتحدة على قبول هذه الصفقة من ناحية والعمل من ناحية أخرى على عدم تكرارها. وهو أمر لا يبدو مضمونا ولا مؤكدا على الرغم من استمرار العلاقات المصرية ــ الأمريكية عند مستوى «طبيعى».

ويبدو أن تغير الموقف العالمى للولايات المتحدة فى الفترة الآخيرة ــ بعد ما أشاعته هى نفسها عن نقل مركز نشاطها الخارجى إلى آسيا الشرق الأقصى ــ لم يؤثر كثيرا حتى الآن على النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط. إذ لا تزال أمريكا معنية إلى الحد الاقصى بأن تبدو مهتمة للغاية بعلاقاتها مع دول النفط العربية فى المنطقة وخاصة المملكة العربية السعودية. ومن الواضح أن هذا الاهتمام الأمريكى لم يؤثر حتى الآن ولا يبدو أنه يمكن أن يؤثر فى المستقبل القريب على علاقات السعودية مع مصر ومع البلدان النفطية الخليجية الأخرى. وإن كان يبدو مؤثرا على بلدان النفط غير الخليجية، وتحديدا العراق. كما يبدو أنه لا يمكن أن يؤثر على علاقات أمريكا بمصر وهى الدولة الأكثر تأثيرا على الرغم من أنها لا تحسب ضمن البلدان النفطية.

•••

ولا بد أن نستنتج عند هذا الحد أن علاقات مصر بالولايات المتحدة ستكون بالغة التأثير على علاقاتيهما بدول المنطقة. ولا يبدو أن هذا الواقع سيتأثر بنمط العلاقات بين البلدين على الرغم من أن هذه العلاقات الثنائية ــ إنما المهمة للغاية ــ تبدو من الآن قابلة للتغيير والتأثر تحت وطأة الظروف التى تمر ويمكن أن تمر بها المنطقة، والظروف التى تمر بها ويمكن أن تمر بها مصر بشكل خاص.

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات